عامر القيسيلدينا طبقة سياسية نموذجية في احتقارها للزمن، في الوقت الذي يكون فيه البلد في أمس الحاجة لاختصار الزمن وتطويعه لحل المشكلات والأزمات التي تعصف به. فكل المهام معلقة لديهم بعناوين جاهزة، قبل العطلة أو بعدها، قبل رمضان أو بعده، قبل العيد أو بعده بانتظار مجيء الرئيس جلال طالباني وبعد مجيئه.
على هذه الشاكلة الكسولة والمتخمة بالبطر وعدم الاكتراث والاحساس بالمسؤولية يتعامل سياسيونا وأصحاب القرار لدينا مع المشكلات العويصة التي تعاني منها العملية السياسية ومعاناة المواطنين معا!لاشيء لديهم على الاطلاق ينبغي تسريعه واتخاذ القرارات السريعة بشأنه، فقانون التقاعد وتعديلاته تتلاقفه الرفوف وليس الايدي في الوقت الذي يعاني منه مليون وربع المليون متقاعد من عسر الحياة وضيقها، وحلحلة الاوضاع السياسية الجامدة بانتظار نهاية عطلهم المزدهرة وهي عمليا وبحساب الساعة أكثر بكثير من أوقات عملهم الفعلية وحتى هذه الاوقات تستنزفها كافيتريا البرلمان والحوارات العائلية الحميمة.ولو القينا نظرة سريعة على التأجيلات لما بعد وقبل لاكتشفنا اننا نفلت الزمن من أيادينا بكل رحابة صدر رغم ان العرب قالوا (الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك) ومع ذلك نترك سيف الزمن يقطع اجسادنا نحن وليس السادة المسؤولين في البرلمان والحكومة معا لان الزمن لصالحهم وصالح امتيازاتهم وبقاء كراسيهم الوثيرة. والغريب في الأمر ان هؤلاء السادة ما ان يحين الوقت الذي يحددونه بانفسهم لاجتماع يعالج بعض قضايانا المعلقة بـ" قبل واثناء وبعد " حتى ينفض اجتماعهم المبجل والمنتظر ببيان أو تصريحات تتحدث بكل بساطة عن أن معالجة هذه القضية أو تلك باتفاق الجميع ستكون بعد العيد على سبيل المثال أو بعد العطلة التشريعية على سبيل مثال ثان!!هذه هي الطريقة "النموذجية" التي يتعامل بها أصحاب الشأن لدينا مع قضايانا المصيرية ضاربين عرض الحائط الدرس الأول الذي تعلمناه في المرحلة الابتدائية "لاتؤجل عمل اليوم الى الغد " والذي بسببه تلقينا الكثير من العقوبات من معلمينا لاننا كنّا عادة ما نؤجل واجباتنا الدراسية.ترى من يعاقب هؤلاء الذين استوهتهم سياسة تأجيل الواجبات، ليس الى الغد وانما الى أعوام مقبلة.. وأستطيع أن أجزم انها سياسية ممنهجة ومقبولة من قبل أغلبهم، مادام التأجيل لايمس مصالحهم لامن قريب ولا من بعيد! ومادام الضغط الشعبي محكوما بالمواقف الحزبية للكتل المتنفذة التي لجمته وتلجمه وسوف تلجمه في المستقبل لانهم يدركون ان حركة الجماهير اذا انطلقت فانها ستقلب الطاولات وترمي أحجارا ثقيلة في المياه الراكدة وتطيح بكراسي تعتقد حتى اللحظة انها أبدية لهم!الجميع الآن بانتظار عودة الرئيس طالباني من رحلة علاجه لاجتماعات ثلاثية أو رباعية لحلحلة الأزمة أو الأزمات المستحكمة بحياتنا، لكنهم كالعادة يستبقون العودة بالقول، ان الرجل لا يملك العصا السحرية لإيقاظ مسؤولين ينامون رغدا تحت مظلة الزمن الذي يتحكمون به بشعارهم المحبب الى قلوبهم " قبل واثناء وبعد"!
كتابة على الحيطان: قبل وأثناء وبعد!
نشر في: 3 سبتمبر, 2012: 09:08 م