ترجمة عبدالخالق عليهل حقاً أن الانترنت يقضي على الطباعة، أم انه سيكون هو منقذها غير المحتمل، مع تألق المجلات المرموقة في العصر الرقمي؟ برغم كل ما نسمع عن "موت الطباعة" فان التقارير التي تتحدث عن ذلك تنطوي على الكثير من المبالغة، حيث كشف مسح قامت به مجلة (ديلويت) في نيسان أن 88 % من قراء المجلة في المملكة المتحدة مازالوا يفضلون قراءة المقالات المطبوعة، ومع ان نصف المشاركين في المسح يمتلكون هواتف ذكية، فان 35 % منهم كانوا قد اشتركوا في مجلة مطبوعة واحدة على الأقل عام 2011.
مع تزايد الاعتماد على أجهزة الأقراص فأن هذه النسبة تبدو قديمة خاصة بعد التطور السريع في نوعية وجودة المطبوعات الرقمية وزيادة الطلب عليها، إلا أن التشاؤم في صناعة النشر تقلص عن طريق نهضة في العناوين المستقلة. كما ان الورق والأحبار القديمة ليس لها من منقذ. يقول جيرمي ليزلي صاحب موقع "ثقافة المجلات" الذي يستقطب المدمنين على المجلات المحترمة "يمكن ان نوعز ذلك الى الانترنت، فالكثير من الناس يكتشفون آراءهم وأصواتهم من خلال كتابة المواضيع والمشاركة في الشبكات الاجتماعية. الخطوة الطبيعية التالية هي خلق شيء دائم... اعتقد ان الناشرين قد أداموا هذه الصناعة ويحاول الافراد خلق مطبوعات افضل". ليس الهواة وحدهم هم المسؤولون، بل ان بعض اللاعبين الكبار في الانترنت ينشرون مجلات مطبوعة مستخدمين وسائل الاعلام التقليدية لإنعاش أعمالهم. بالنسبة للعلامات التجارية للانترنت فان الطباعة تعتبر وسيلة انيقة للتسويق الاضافي وزيادة عدد الزبائن. يمكنك ان تنظر الى لعبة رقمية او مجلة على (آي باد) لكنك لا تستطيع استقطاع الاشياء. ان فكرة ديمومة الطباعة، خاصة بين الاجيال الشابة التي تربت في العصر الرقمي، هي شيء عزيز على قلب جيرالد ريتشاردز الذي يقول "عندما نرى الطلبة وهم يحملون الكتب، فهناك تجربة مختلفة وقوة امتلاك شيء ملموس خاصة عندما يكتبون ويرون أسماءهم مطبوعة، اما في الحواسيب فان ذلك يمكن محوه بمجرد لمسة زر". يقول المحرران الصحفيان ماركوس ويب وروب اوركارد "مع كل سحر العالم الرقمي مثل تويت وفيدز وآبس، فليست هناك متعة مثل المتعة التي ينتجها الحبر والورق. لا نهتم بخلق وسائل إعلام بخسة وإنما نريد ان نصنع رفوفا من الكتب لتكون كنزا جميلا أكثر حضارة". أما ريتشاردز ذو الشخصية الدمثة فانه يركز على إمكانية كلا العالمين في التعايش ودعم بعضهما البعض والعمل جنبا إلى جنب، حيث يمكنك ان تقرأ شيئا في كتاب ثم تراه على جهاز الكومبيوتر. يقول ريتشاردز "إن جمال الانترنت هو انه يتيح للطلبة مشاركة اكبر عدد من المشاركين، إلا أن العلاقة مع الكتب شيء مختلف. فالأولاد يأخذون الكتب للبيت ويحتفظون بها". ايغرز نفسه يتفق على ان خلق الانقسامات والمقارنات بين عالم الانترنت وعالم الطباعة يعطي نتائج عكسية فيقول "في رأيي إن الاثنين يمكن ان يتعايشا او بالأحرى يجب أن يتعايشا، لكنهما بحاجة إلى القيام باشياء مختلفة. ولكي يستمرا فان الصحيفة والكتاب بحاجة الى عزل انفسهما عن الشبكة. الاشكال الملموسة من الكلمة المكتوبة بحاجة الى تقديم تجربة واضحة ومختلفة، فاذا ما قامت بذلك فأنها ستبقى وتدوم ". تقول سارة كريمر، العضو المنتدب في وكالة (ريدوود) لاتصالات الزبائن "الطباعة تقوم بأشياء معينة بشكل جيد. هناك احساس بالثواب والترف لا يقدر بثمن، عند تكريس الوقت للصفحة المطبوعة. لكن في نفس الوقت هناك فورية ومشاركة فريدة ذات قيمة عالية في عالم الانترنت". بالنسبة الى سارة، التي تعمل مشرفة على إستراتيجيات الاتصالات المدمجة للزبائن الرئيسيين، فأن الاثنين غالبا ما يعملان بشكل أفضل عند استخدامهما جنبا إلى جنب مع بعضهما فالمسألة تتعلق بالاتساق، حيث تقول "مهما كان عدد القنوات التي لديك، سواء في الطباعة او الانترنت، فإذا لم تحصل على محتوى جيد فان ذلك يعتبر مضيعة للمال". إذا ما تمكنت الطباعة فعلا من ترسيخ العلامة التجارية وتحديد الصوت، فغالبا ما تكون أكثر نجاحا مما هو مقصود منها. فمثلا، أنتج يورغ كوخ ظاهرة طباعية عن طريق الصدفة عندما شارك في تأسيس مجلة برلين ذات التأثير الكبير حيث يقول "عندما أطلقنا المجلة كطبعة محدودة نصف سنوية عام 2000، كان من المفروض ان تكون بمثابة اعلان عن موقعنا، لكننا اكتشفنا أن المجلة المطبوعة كانت أكثر فعالية وتأثيرا، من حيث الميزانية والتعريف، من فتح موقعا إعلاميا متدفقا. لذا فان المجلة عاشت لوحدها لتصبح مجلة كبيرة تشتهر بجودة الطباعة". مجازيا فان الموقع حاليا يعتبر أرشيفا للمجلة. النجاح الطارئ للمجلة لم يؤذي كوخ بل منحه منظورا مهما حول دور الطباعة في المستقبل. يقول كوخ "إنك لم تعد بحاجة لطباعة الاخبار، لكن بالنسبة للقصص الطويلة المرئية، فان الطباعة توفر نموذج عمل وجودة غزيرة لا تستطيع النماذج الرقمية توفيرها لك". لكنه أيضا يتفق على أن وضع حدود بين الاثنين هو أمر لا فائدة منه، يقول "انه يفيد فقط في التمييز إذا ما استطعنا التأكيد على المواصفات الموروثة وفوائد كلتا الوسيلتين الإعلامية".أي منهما يقربنا من غوغل بشكل أكثر أناقة؟. نفس المنظمة التي كانت يوما متهمة بالتطلع لقتل الطباعة من خلال مشروع مكتبة غوغل، تمتلك اليوم صحيفتها المطبوعة التي اسستها وكالة كنيسة لندن ال
من قال إن الطباعة قد ماتت؟
نشر في: 4 سبتمبر, 2012: 07:40 م