TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن:مصباح رئيس الوزراء السحري

العمود الثامن:مصباح رئيس الوزراء السحري

نشر في: 4 سبتمبر, 2012: 09:45 م

 علي حسينفي كل مرة اقرأ فيها بيانا ثوريا لهيئة المساءلة والعدالة، أتساءل ما هي الفائدة التي تعود على العراقيين من قرارات اجتثاث مسؤولين مارسوا الوظيفة لسنوات طويلة، ثم فجأة انتبه القائمون على الهيئة الى كون هؤلاء مشمولين بقرارات الاجتثاث؟ لا شيء، اللهم إلا تضييع وقت الناس في سجالات وخطب كلامية تملأ أوقات الفراغ بالصراخ والشتائم وتؤزم الوضع السياسي الذي هو متورم أصلا. 
rnrnهل هي ـــ مثلاً ـــ مشكلة تهم الشعب العراقي وسترفع من مستواه المعيشي وستحل مشاكل السكن والبطالة وتعيد الروح إلى التيار الكهربائي؟ rnلا هذا ولا ذاك، إلا الدعاية وارتداء ثياب الباحثين عن الحق والعدالة، وفتح باب الخلافات بين الفرقاء السياسيين. rnومع احترامي الكبير للقائمين على عمل هذه الهيئة، لا أتصور أن العراقيين سيسهرون حتى الصباح مبتهجين بانجازكم التاريخي المتضمن اجتثاث ثلاثين قاضيا من خيرة قضاة الموصل، ولا اعتقد أن تلويح حيدر الملا باجتثاث قادة أمنيين كبار، سيفتح الباب أمام الاستثمارات الدولية لتحول خرائب المدن إلى جنات عدن. rnولا اعتقد أن العراقيين كلهم سيتذكرون هذا اليوم العظيم الذي اكتشفت فيه أن ثلاثة من القضاة المتوفين كانوا أعضاء في حزب البعث، وعليه يجب اجتثاثهم حتى من القبر، أما اليوم الذي قررت فيه هيئة المساءلة والعدالة اجتثاث موظفين في مصفى بيجي فسيخلد في التاريخ، باعتباره اول واكبر انتصار نحققه على الامبريالية والاستعمار العالمي. rn ودعونا نتساءل بعد عشر سنوات على التغيير، هل نحن مجبرون على متابعة حلقات معادة ومكررة من مسلسل ساذج وممل اسمه "الاجتثاث"؟ فالكل يعرف جيدا ان نوابا ومسؤولين كبارا في الدولة ومقربين من رئيس الوزراء ورئيس البرلمان لم تقترب منهم جرافات هيئة المساءلة والعدالة، والكل يعرف ان سيناريو الاجتثاث يمضي كل مرة على النحو التالي: حالة من الصمت المؤقت تخيم على المعسكر المؤيد للاجتثاث، تقطعها تصريحات عابرة لمسؤولين كبار في الحكومة، مفادها أن الأمر قيد الدراسة ومطروح على الطاولة، وفي هذه الأثناء سيكون الطقس السياسي متقلبا وعنيفا وهادرا في كل الاتجاهات، إذ تنشط رياح كتلة دولة القانون بغبار معارك وهمية، ويرتفع موج التصريحات العنيفة على ضفة العراقية، مع استدعاء أصوات لسياسيين لم يسمع بهم أحد من قبل، وسط كل هذا تؤدي الحكومة فاصلا من الألعاب السياسية الطريفة، من عينة أن هيئة المساءلة والعدالة مستقلة في قراراتها ولا تخضع لأي جهة سياسية.rnولعلي أكاد كل يوم ألمح ابتسامة ارتياح على وجوه العديد من مسؤولينا وسياسيينا، وهم يتابعون انشغال العراقيين بفقرات المسلسل الدرامي قرارات هيئة المساءلة والعدالة، ذلك أن ظهور مثل هذه القضايا في هذا الوقت، بحد ذاته، فرصة لتواري واختفاء ملفات شديدة الأهمية تتعلق بحياة الناس وأمنهم ومستقبل أبنائهم، فهذه الهيئة أصبحت اليوم مثل المصباح السحري في الحكاية الشهيرة التي روتها لنا شهرزاد، ذلك المصباح الذي ما إن تفركه حتى يخرج من قمقمه مارد يحقق لك كل ما تتمناه، ويبدو أن السيد رئيس الوزراء لديه مثل هذا المصباح السحري، فما إن يختلف مع بعض حتى يفرك المصباح ليخرج علينا المارد على شكل قرارات وبيانات تحذر وتنذر وتتوعد ثم تجتث، rnمن كان يصدق أن حلم الناس بالتغيير والديمقراطية والرفاهية والاستقرار يمكن أن ينتهي عند لجان وهيئات تحركها نوازع ثأرية وانتهازية وطائفية.rnلقد صدعت الحكومة رؤوسنا بخطب وشعارات عن المصالحة وفتح صفحة جديدة من التسامح والحوار، وعشنا أياما وليالي مع السيد وزير المصالحة سابقا عامر الخزاعي صاحب نظرية "المصالحة المستدامة"، وكنا نتمنى أن يغلق ملف الماضي ويسعى الجميع إلى فتح صفحة جديدة للمستقبل، إلا أن ما نراه أمامنا من سلوكيات حكومية وسياسية، تقول إننا ابعد ما نكون عن مفهوم التسامح فلا يزال البعض يعتقد أن كل العراقيين الذين لم تسنح لهم فرصة الحصول على لجوء سياسي هم خونة ومن بقايا النظام السابق، ولا يزال الكثير من مسؤولينا يتصور أن كل من يوجه نقدا للعملية السياسية فهو ينفذ اجندة خارجية. rnأعود للقضية الأم.. ما ذنب الناس في متابعة هذه المسرحية الهزلية التي تعاد عليهم بين الحين والآخر؟ rnلقد أصبحنا أسرى لسياسات يضعها سياسيون يفرضون علينا سطوتهم ومعتقداتهم الخاصة بعيداً عن هموم الناس. rnوأخيرا أتمنى أن لا يصدر قرار باجتثاثي، لأنني أثير حولي الزوابع والمشاكل في وقت يحاول البعض ان يسير "جنب الحائط". اللهم أحفظنا من مصباح رئيس الوزراء.rnrnrn

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram