تأليف : كامل شياع ترجمة : سهيل نجم مراجعة :د. صلاح نيازي الناشر : دار المدى للنشر- الطبعة الأولى – 2012 مراجعة : فريدة الأنصاري هل يمكننا النظر إلى اليوتوبيين بأنهم مفكرون عقلانيون، لديهم حساسية غير عادية تجاه المستقبل والأمور غير المقررة في العلاقة ما بين ما هو حقيقي وما هو غير حقيقي؟
rnهل يخاطبون أنفسهم من أجل حل بعض القضايا الفلسفية في سياق خيالي تختلط فيه النظرية بالخيال والخطاب بالواقع ؟ وهل يمكننا القول بأن اليوتوبيا هي أرض الفلاسفة ؟ يجيبنا الباحث كامل شياع عن هذه الأسئلة في كتابه الموسوم " اليوتوبيا معياراً نقدياً ".rnالكتاب بحث أكاديمي نال به المؤلف درجة الماجستير بالفلسفة من معهد هوغر في بلجيكا ،ولعله أختار هذا الموضوع الفلسفي لقربه من حلمه برؤية مجتمع مثالي وعراق ينعم بالحرية والديمقراطية .وقبل أن يتحقق حلمه وترى رسالته النور، بكتاب مطبوع اغتالته يدي الغدر. ووفاءً له قام السيد سهيل نجم بترجمتها وتولت دار المدى طبعها .rn تضمن الكتاب مقدمة وثلاثة فصول ركز فيه على فحص السياق الذي قامت عليه اليوتوبيا، وتتبع المراحل التاريخية التي مر بها الفكر اليوتوبي ،وفرضياته الضمنية ،في محاولة منه لصياغة بعض الأفكار عن أهمية اليوتوبيا.rn في المقدمة بين لنا المؤلف أهمية الفكر اليوتوبي وتعريفها ،مبيناً انقسام الباحثين إلى مجموعتين : مجموعة ترى انه لا يمكن تعريفها ، لأنها تتحدى أي تعريف بسبب تغيرها المستمر ، ويمثل هذه المجموعة الأخوان مانويل في دراستهما الفكر اليوتوبي ، وأما المجموعة الثانية فترى إمكانية تعريفها وعلى رأس هؤلاء ج. س.ديفس في كتابه اليوتوبيا والمجتمع، حين عرفها بأنها مجموعة من الاستراتيجيات للحفاظ على التنظيم الاجتماعي والتكامل إزاء النواقص،ناهيك عن عداء الطبيعة، والتعنت البشري . يمضي الباحث في تحليل هذه الفرضيات في فصول الكتاب الثلاثة عبر عدة مسارات .rn في الفصل الأول الذي جاء بعنوان ( اليوتوبيا وسياقاتها ) يتطرق فيه الى أصول اليوتوبيا ،ونقيضها ،وعلاقتها بالتاريخ ،مشيراً الى أنه من حيث المبدأ فأن أصل ظاهرة كاليوتوبيا ليس من السهل تتبعها، فأغلب ما قيل عن أصلها، مبني على أساس نقيض مديونيتها لليوتوبيات السابقة ، فالأولى هي في الأساس يوتوبيا إنسانية مسيحية تؤسس لدولة المدينة الهلينية، تدعو إلى التسامح الديني والسياسي، ضمن مجتمع علماني . والثانية تدعو إلى مجتمع علماني، يهيمن عليه العقل، وهنا يمضي الكاتب في تفصيل هذه الرؤى مستنداً على أفكار مور وجمهورية أفلاطون وسان سيمون. .فبينما يصور فكر اليوتوبيا مجتمعاً مثالياً متكاملاً ذاتياً يسخر نقيضها " الدستوبيا" من هذا الحلم، من خلال عرضه لنواقص الطبيعة الإنسانية، التي لا يمكن أن يتجاوزها، وهنا يتوغل الباحث في مناقشة هذه القضية بعقد مقارنة طويلة بين الاثنين ليصلنا إلى نتيجة مفادها بأن فكر الدستوبيا بوصفه تحولاً معاصراً للخطاب اليوتوبي أكثر منه نهاية له .rnعموماً وفق ما يؤكد الكاتب فإن الفكرة اليوتوبية بأكملها تعبر عن حضارة جديدة ،تكون فيها الحرية والعدالة مضمونتان ، فهي تحمل في كل مقاصدها الواضحة، هدفاً نقدياً يكشف فيه تصالح الحرية والنظام والطبيعة والتاريخ، ويعطي على ذلك مثالاً يمكن فيه للمرء أن يلاحظ بأن السبيل الذي يقود الإنسان إلى الخلود، هو أن يكون مواطناً صالحاً في اليوتوبيا .فالأعمال الخيرة للإنسان تمكنه حتى بعد الموت من الحضور، وأن كان غير مرئي لأن الوعي اليوتوبي يدافع عن المجتمع والحب ضد الفردية والموت ،ويدافع عن الوحدة ضد الفرقة ،ويدمج الموت الفيزياوي ضمن الحياة الجماعية للمجتمع ،بدلاً من أن يقودها إلى التحلل والقلق .ويمضي الباحث في تفصيل ذلك ليؤكد على الصلة الوثيقة بين اليوتوبيا والواقع وأن اليوتوبيين هم مفكرون عقلانيون . rnلو انتقلنا إلى الفصل الثاني" اليوتوبيا معياراً نقدياً" الذي حمل عنوان الكتاب حاول فيه المؤلف مناقشة الدور النقدي لليوتوبيا من خلال علاقتها بثلاثة مفاهيم ، تناقض اليوتوبيا، وهي الأيديولوجيا، والعنف، والكلية من خلال مناقشة آراء بوير وبلوخ وماركس وريكور وفرانس بيكون وسان سيمون ،يشير إلى أن أفضل طريقة لفهم اليوتوبيا والأيديولوجيا - رغم صعوبة ذلك - هو في رؤيتهما من خلال علاقتهما ببعضهما، وهذه العلاقة يحددها بثلاثة أنماط يشير إليهما بتعريف كل من هذين المفهومين ، ومقارنتهما ببعضهما. ليؤكد بعد ذلك أن اليوتوبيا بوصفها معياراً نقدياً يثير التوتر بين ما هو حقيقي وبين ما هو متخيل ، والشرط الضروري لليوتوبيا هو رؤية الحاضر من زاوية أفضل نائية بنفسها في اللامكان . وضمن هذا السياق يبين لنا الباحث العلاقة بين اليوتوبيا والعنف ،فيبين أن العنف لا صلة له بموضوع التمييز الذي أكد عليه بوير، وان التناول اليوتوبي للواقع فضلاً عن نتائجه السلبية على مستوى التخطيط العملي له نتائج إيجابية ،وهذه النتائج مرتبطة تحديداً بالمصدر المميز الذي يمكن لليوتوبيا أن توفره لتقويم الوضع الحالي ودراسة الكلية، والجديد في الك
اليوتوبيا معياراً نقدياً
نشر في: 5 سبتمبر, 2012: 06:32 م