هاشم العقابيما كان لقوات المالكي أن تعتدي على النوادي الاجتماعية لولا سكوت المثقفين العراقيين، قبل غيرهم، تجاه سلب الحريات العامة والخاصة. وما كان لصدام، قبله، أن يفعل ما فعل لولا هذا السكوت أيضا. أذكر أن مثقفا عربيا يساريا، لا يحضرني اسمه للأسف، قال أو كتب يوما، في أوائل التسعينات، إن سبب معاناة العراقيين وما يتعرضون له من ذبح وقهر وتشريد في زمن صدام يتحملها المثقفون العراقيون، لان اغلبهم رفع سيقان أمته وقال لصدام افعل بها ما شئت.
rnأتعس الأقوام قوم لا ينتفعون من تجاربهم. وأجهلهم من لا يتوقع قارعة حتى تلم به، بحسب الإمام علي. فالهجوم الذي حدث مساء الثلاثاء، تنفيذا لإجراءات الحملة الإيمانية التي بدأها صدام في أوائل التسعينات، كان متوقعا في كل لحظة. وستتبعه هجومات على المدارس والحدائق والساحات لخنق كل ما له علاقة بالحرية. rnقريبا جدا سيقتحمون البيوت ليفتشوا دفاتر البنات والشباب كي يحرقوها إن وجدوا فيها وردة مخبأة أو قصيدة حب. وسيسحقون بأقدامهم الهمجية سيديات وكاسيتات الأغاني. هذا إذا لم يصادروها ليستمتع بها أبناء المسؤولين وبناتهم. فهم وحدهم، في "دولة المقربين" لهم الحق في السكر والرقص والغناء بين أسوار المنطقة الخضراء. أما كان هكذا يفعل صدام يوم فرض حملته الإيمانية على الناس، بينما كان الرقص والغناء والشراب بالقصور مباح؟! rnما كان للمالكي أن يأمر بالهجوم لو أن مثقفينا وشعراءنا امتنعوا عن المشاركة بأي مهرجان ثقافي أو شعري، مربدي أو بابلي، ما دامت المرأة العراقية لا تستطيع الحصول على جواز سفر إلا بموافقة ولي أمرها. ولا يمكنها فتح حساب بنكي لولدها إلا بحضور أبيه لأنه "قوّام" ولا يهم حتى إن كان الأب عاطلا عن العمل أو قفاصا، والأم مبتلاة بهم المعيشة. وما كان للواء بغداد، المختص بملاحقة المجرمين فقط، أن يهجم على المركز الثقافي الترفيهي للسينمائيين العراقيين، لولا سكوت المثقفين، من قبل، على سعي الساعين لمنح حق "الفيتو" للولي الفقيه في المحكمة القضائية.rn في أي بلد تهين فيه الحكومة مدنية الدولة وحريات الناس بهذه الطريقة، ولا يقدم المثقفون فيه على شن حملة إعلامية يومية على غرار حملة "الحريات أولا" التي قادتها "المدى"، فلا يلومون إلا أنفسهم إن ساقتهم عصي "الدعوة" يوما مثل الخراف. rnتقول الأخبار: "إن القوة العسكرية التابعة لوزارة الدفاع قامت بمحاصرة النادي (نادي السينمائيين)، وعند دخولهم تم سحب الأقسام على الحضور وطلبوا منهم أن يأخذوا وضع البروك ووضع أيديهم خلف رؤوسهم والجلوس تحت الطاولات لغرض عدم التعرف عليهم. وأمرهم ضابط الدورية بإخلاء النادي قبل الوصول إلى رقم العشرة. وعندما بدأ العد خرج الحضور وقاموا بضربهم بطريقة عشوائية باستخدام الصوندات والكيبلات الكهربائية". هذا اللواء "الباسل" كان خانسا ولم نسمع بكبيلاته وأقسامه تطقطق بوجه الإرهابيين الذي قتلوا من العراقيين في شهر آب الفائت، فقط، 393 قتيلا، عدا غير المسجلين رسميا. والذين تخفى أعدادهم عمدا. الآن حقا فهمت لماذا جمع المالكي "البسطال" و "الثقافة" بقدم وزير واحد. وهلا بيك هلا وبجيتك هلا.rnسؤال لوجه الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم: هل سيقاطع المثقفون وفي مقدمتهم السينمائيون مهرجان بغداد عاصمة الثقافة المزمع عقده في 2013 احتجاجا على أهانتهم، وأن لا يتراجعوا إلا بعد أن يعتذر المالكي بنفسه عما حدث وعلى الملأ؟ rnفإن لم نفعلها فحيل بينه. لا بل ويطبنه ألف مرض، لأننا نستاهل. rnrn
سلاما ياعراق :حيـل بينـه
نشر في: 5 سبتمبر, 2012: 07:23 م