سعد ناجي علوانكان بإمكان (هادي المهدي) أن يسدل الستار على أحلامه ويتصالح مع ما حوله ليحقق كل الرغبات، فهو لم يتجاوز أو يختلف عن غيره، وكأي مواطن عادي يحلم بالشمس وضحكات الأطفال ويتألم عندما يرى الأمهات اللائي أرغمهن الواقع المرّ أن يتسولن في الشوارع.
فلماذا تشبث ببراءته وعاند طيشه ونزقه وأصرّ على المواجهة، لأنه توأم الحلم والتمرد، أم أن سنينه لم تعد تكفي لتلك الأحلام فصار يتنقل سريعاً من حال إلى أخرى وهو يجرب كل شيء حتى تعدى البديهيات ليصل إلى مبتغاه، ويصدق كذبتنا الأولى بأننا سنعشق وطناً يكتبه كل صباح ويرسمه فوق وجوه أمنياته.نعم حقق هادي ما يبتغيه بعدما غدا صوتاً يهدر للحرية في أرجاء بلده الذي عشقه حدّ الجنون وذهب مرتدياً أكثر الثياب نعومة – العلم العراقي -، ثم ليتمكن ثانية من إخراج بروفته في مكان أكثر هدوءاً وطمأنينة.فهل تعلم يا هادي .... نعم مرت سنة على غيابك لكن أزقة (الجديدة) التي عبث بها الدكتاتور لم تنسك أبداً وما زالت تنشد أمانيك مع غضب محبيها وأهلها على فقدك.أما أنا فما زلت كلما نظرت إلى صورتك أتوهم شجاراً أو أعجاباً منك حول ما اكتبه، ولم انس رأيك في مجموعتي أبداً لأنك توعدتني كعادتك قبل قراءتها: ((ولك سعد تعجبني، تكتب وأنت متأكد من نفسك وقدمك ثابتة على الأرض)) فكيف أصدق أني فقدتك، وصوتك فواصل صمتي، كيف اصدق ذلك وأنا أحضّر نفسي لنقاش حاد معك كلما قرأت (مخلوقات بورخس الغرائبية) التي جلبتها لي من بيروت، أو أتلمس آثارك التي تركتها على نسختك الشخصية من كتاب صديقنا محمد غازي الأخرس (خريف المثقف)، وبالمناسبة لقد تأثر حمودي الوردة كثيراً حين أرسلت صورة إهدائه لك على كتابه.صاحبي نم هانئاً ولا تزعل ولا ترتاب فنسيانك كذبة كبيرة لا تتحقق ولا يتقنها احد من محبيك.
بروفة فـي الحياة
نشر في: 7 سبتمبر, 2012: 06:20 م