TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > طيش مع سبق الإصرار

طيش مع سبق الإصرار

نشر في: 15 أكتوبر, 2012: 08:07 م

مع كامل التقدير للرأي الذي أبداه رئيس الجمهورية جلال طالباني في التصريح الأخير للنائب عن ائتلاف دولة القانون والقيادي في حزب الدعوة الإسلامية ياسين مجيد، فان ما قاله النائب المقرّب من رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي والناطق بلسانه في العادة ليس "طيشاً" عابراً، فهذا غالباً ما يصدر إما عن الأطفال أو عن الجهلة.

النائب مجيد ليس طفلاً ولا هو بالشخص الجاهل. انه يعرف ما يقول ويعني ما يقول ويتعمد قول ما يقول عن سابق تصميم وترصّد وإصرار. وهذا هو ديدنه في إطلاق التصريحات التي أقل ما يقال فيها انها غير بناءة ... انها تعكس نفساً طائفياً وروحاً شوفينية.

النائب مجيد لديه أجندة معروفة (مثله غير قليلين) تؤثر فيها عوامل عدة أهمها جغرافية المكان الذي لجأ اليه فترة طويلة في عهد النظام السابق، بما تتضمنه هذه الجغرافيا وتفرضه من منظومة قيمية أخلاقية وسياسية.

الرئيس طالباني قال في بيان لمكتبه أمس انه "في الوقت الذي ننهمك بتهيئة الأجواء الودية لتطبيع العلاقات بين القوى السياسية تمهيداً لإجراء الحوارات الثنائية والثلاثية والجماعية من أجل حل الأزمة الراهنة في العراق، يطلّ علينا النائب ياسين مجيد بتصريحات استفزازية خطيرة تشم منها رائحة الدعوة إلى الحرب ضد الرئيس مسعود بارزاني"، معرباً عن "استهجانه لمثل هذه التصريحات الطائشة المخالفة لروح  الوحدة الوطنية والمعرقلة للمساعي والجهود المبذولة لحل المشاكل العالقة التي يعاني منها الشعب والوطن".

من الواضح أن المعنيّ بكلام الرئيس طالباني قد تعمّد اختيار الفكرة التي طرحها وتعمّد انتقاء اللهجة التي اعتمدها لتوجيه اتهامه إلى رئيس إقليم كردستان العراق بأنه "خطر حقيقي" على العراق، متغافلاً عن الأخطار الحقيقية المُحدقة بالبلاد وأولها الإرهاب المدعوم من قوى إقليمية يعرفها السيد مجيد جيداً وبينها القوة الإقليمية التي يدين لها بالولاء ويعتمدها مرجعاً للتقليد أكثر مما يدين لبلاده، وبينها (الأخطار) الطائفية السياسية والمحاصصة والفساد المالي والإداري وسوء إدارة الدولة ونزعة الاستئثار والتسلط، وهي جميعاً مما لا يبدي النائب مجيد في تصريحاته المنفعلة أي حماسة للتنديد بها أو حتى الإشارة إليها.

النائب مجيد لا يرغب –كما يعكس تصريحه الأخير– في التوصل إلى حلّ للأزمة السياسية القائمة في البلاد منذ سنتين، فهذا الحل الذي يستلزم حواراً مباشراً بين أطراف الأزمة وجواً ملائماً للحوار، وهو ما يعمل عليه رئيس الجمهورية، ويرغب فيه العراقيون الذين يتمسكون بأي قشة للخروج من هذه المحنة التي أحد أطرافها الرئيسة حزب النائب مجيد وائتلافه البرلماني. لكن هذا الحل لا يرغب فيه أصدقاء "أغاي إدريسي" الذين تتضرر لهم مصالح في خروج العراق من أزمته واسترداده عافيته وازدهاره. وما لا يرغب فيه أصدقاء "أغاي ادريسي" لا يريده النائب مجيد الذي ينسى، في ما يبدو، انه في بغداد وليس في "كوجه مروي".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. حسن نعيم الشمري

    أخي عدنان؛ هؤلاء لا يريدون للعراق خيراً من أمثال ياسين مجيد ومن لف لفهم من منطقة الخضراء الحاقدة؛ هذا الشخص لو كان مثقفاَ لقرءة تاريخ الكورد ومن الذين حافظوا على وحدة تراب العراق من ثورة 8أيلول 1961 لحد يومنا هذا ؛ ياسين مجيد يريد أناس من على شاكلتهِ بائع

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram