TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الاستحمار السياسي

الاستحمار السياسي

نشر في: 7 سبتمبر, 2012: 07:02 م

يعقوب يوسف جبر خلال القرن الماضي غزت جيوش دول شمال العالم دول العالم الثالث لإيجاد أسواق لبضائعها وللاستحواذ على الموارد الطبيعية الخام ذات الثمن الرخيص التي تتوافر في هذه البلدان ، لكن هل ثمة أسباب أخرى تقف وراء هذا الغزو ؟
يقينا أن من ضمن الأسباب هو نشر ثقافة دول الشمال بدءا من الزي وانتهاء بالمناهج الدراسية ، لكن لم ينته الأمر عند هذا الحد بل خططت هذه الدول لتطبيق مخطط آخر هو التشجيع على تأسيس أحزاب سياسية من مختلف الاتجاهات والقيام بتمويلها بصورة سرية ، وتمهيد الأرضية المناسبة لقيام حزب ما بالاستيلاء على السلطة بعيدا عن إرادة الشعوب ، وهذا ما حدث بالفعل ويتكرر لكنه تكرر بصيغة جديدة تختلف عن الصيغة القديمة ، عبر استغلال إمكانات وطموحات الشعوب ورغبتها في التحرر ، فمثلا في ليبيا وتونس ومصر واليمن حدثت تغيرات ساهمت الشعوب في تفعيلها لكن للأسف جرت هذه التغيرات تحت مظلة دول الشمال ، وهذه إشارة واضحة لوجود مخطط جديد لغزو جديد لكنه بصيغة حديثة ، حيث تتحالف دول الشمال مع بعض دول منطقة الشرق لتطبيق إستراتيجية جديدة تتضمن تغيير خارطة المنطقة السياسية ومن ثم الاتجاه نحو تغيير خارطة العالم ، ولضمان نجاح هذه الإستراتيجية جاءت تحت مسمى تحرر الشعوب من الحكومات المستبدة وتحت مبرر نشر مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان .وقد تم تكريس وسائل الإعلام التابعة لدول الشمال ووسائل الإعلام التابعة لبعض دول الشرق الأوسط لتضليل الرأي العام الشرق الأوسطي والرأي العام الدولي ، وإيهام الشعوب بأن ما يجري هو عملية تغيير جذرية من صنع الشعوب ، وللأسف هنالك نمط من الشعوب من  بعض المخدوعين بما جري ويجري من أحداث كبيرة  .إن مقتضيات إستراتيجية دول الشمال وسياساتها الحديثة اضطرتها لارتداء قناع جديد هو الدفاع عن حقوق الإنسان والدفاع عن شعوب الشرق الأوسط ، لكن هذه الحيلة لن تنطلي على الطبقة الواعية المثقفة ، فالحكومات التي سقطت في المنطقة هي صنيعة دول الشمال والتي جاءت لا تمثل سيادة الشعوب على نفسها ، فلم يتغير شيء سوى التغيير الشكلي فثمة حقوق ماتزال مهدورة  وشعوب فقيرة مغلوب على أمرها وثروات ضائعة .من المفروض أن تكون حركة بوصلة  ربيع شعوب المنطقة بعيدة عن تأثير ونفوذ دول الشمال لتكون حركة أصيلة هادفة ترتكز على العدل والمساواة ، فما هو مبرر التدخل الخارجي ؟ أليس ذلك دليل على هيمنة دول الشمال وتلاعبها بمقدرات الشعوب ؟ ولو تمعنا مليا في ما حدث نجد أن دول الشمال غازلت وتقاربت مع الاتجاهات الإسلامية السلفية في المنطقة لأنها شعرت بموجب الأرقام وبموجب الإحصائيات المخابراتية أن هذه الاتجاهات تحظى بدعم وتأييد كبير من قبل الرأي العام في دول المنطقة ، فبادرت وسارعت إلى انتهاز الفرصة لإقامة العلاقات السرية معها بغية احتضانها سياسيا .فمثلا ما يجري في سوريا دليل واضح على تبني دول الشمال من ورائها بعض دول المنطقة لأسلوب جديد ، مقتضاه الدفع باتجاه تغيير النظام تحت مبرر استبداديته وتحت شعار مظلومية الشعب السوري وحقه في الخلاص من الظلم ، لكن لو نظرنا لآخر النفق لرأينا أن هنالك هدفا آخر هو الأساس في ما يحدث هو طموح دول الشمال في بسط الهيمنة على المنطقة والاستمرار في عملية استحمار الشعوب ، فهل ستنتبه الشعوب لما يدور وتسحب البساط من تحت أقدام الدخلاء وتحرر دون تدخلات خارجية ؟ هل ثمة أمل في حدوث تغيير سياسي في المنطقة والعالم أجمع يصب في صالح شعوب العالم الثالث لينتهي عصر الهيمنة لدول الشمال الكبرى ؟ هل نحن سائرون باتجاه عصر انتصار الشعوب المستضعفة ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram