احمد المهناليس ما بين أيدينا الكثير من مقومات حياة طبيعية. ولا عندنا أشياء يعتد بها من المسرات. ومع ذلك فان ما ينقصنا هو احياء "سنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" برأي الشيخ صدر الدين القبانجي، أحد صقور المجلس الاسلامي الأعلى. والرجل أبدى حماسا فريدا لحملة قوات المكتب العسكري الحاكم على النوادي والبارات الليلية في بغداد،
ودعا الى استمرار ملاحقتها واغلاقها. ولا أعرف مقدار جاذبية القبانجي حتى أعرف مقدار الاستجابة لرأيه. وبعض الجاذبية يعتمد على مقومات الشخص التي تأتي من ذراعه مثل قوة الفكر وحسن الخطاب. وبعضها الآخر من الله مثل خفة الدم ولطف الطلَّة وجودة الصوت. وبعضها الآخير من نماذج "سيرة الأمر والنهي" المعمول بها في الواقع. أما مقومات شخصية الرجل فالمرجح أنها لن تساعده اذا ترشح في انتخابات. وأما بخصوص النماذج فالواقع هو الحَكَم. والمعروف ان "سنة الأمر والنهي" هذه معمول بها حاليا في السعودية وايران. وهما "النور" كله. فالأولى لا يتنفس مواطنوها الا خارج حدودها، بعدما يسافرون منها ويضعون أقدامهم في دول نفهة. والآخرى تخصص مشاكل، منبوذة من العالم، ومنفرة وطاردة لخيرة عقول شعبها. من جحيم الأولى ولدت "القاعدة". ومن احتقان الثانية تهدر "مدافع آيات الله" بلا هوادة. وهذه الآيات الساحرة في البلدين لم تساعد في جعل الإقبال على دين الله أفواجا. والبلدان لا ينقصهما الخير. ولكن كل نعمة قابلة للتحول الى نقمة. الأمر يتوقف على استاذ الحكمة الذي يسمى العقل. ومن لا عقل له لا دين ولا نعمة له. هل هناك أوفر من النعمة في العراق؟ نعمة من الله، لا مشقة ابتكار فيها، ولا صبر أيوب على زرع وحصد. نفط نفط الى يوم يبعثون. ولكنه نقمة نقمة حتى تكف اللعنة. وفوق كل هذا يريد القبانجي تديين الناس بأسنة الرماح. الجيش بالمرصاد للخمرة. والشرطة بالهراوة للسفور. ومطاردة الغناء والرقص عمل شعبي. والرقيب يفتك بالفنون والآداب. والنهار مذلة والليل مقبرة. واذا الدنيا سودة مسخمة. لم كل هذا الظلام؟ اطرح واجمع وفي آخر الحساب لن يكون السبب أكثر من قلة عقل. وأهداف قلة العقل قليلة الخير عديمة المجد. انها في المحصلة ليست شيئا غير السلطة. ومن يتخذ السلطة دينا يبني لمصيره هوانا، كما تقول حكمة "الربيع العربي" الشغالة في أيامنا هذه والأقرب الينا من حبل الوريد. ان السلطة زائلة لكن أديان الله أكبر خالدة. وكما لم تقصر أفعال قلة العقل مع الزائلة لم ترتدع عن العبث مع الخالدة. فها هو شق كبير من اليهودية في عصرنا يرتكب أكبر سرقة ومظلمة في التاريخ باسم خرافة أرض الميعاد. وشق هائل من تاريخ المسيحية كان قد جعل العالم عذابا. ومعظم اسلام التاريخ مُلك عضوض، حتى أن بعض رموزه عضَّ رقما قياسيا من الجواري فكان "استاذ الطاقة الجنسية" أكثر مما كان "خليفة رسول الله". والمشكلة في الناس لا الدين. وما أسمى الدين حين يسمو المؤمنون.ان البشر يرغمون على أن يحكموا بسلطات ظالمة. لا بأس فالظلم من شيم النفوس. ولكن لديها بديلا في أديان الله أكبر. اليها نعطي وجوهنا وقت الشدة، وفي سمائها نجد تعويضا عن فقدان العزاء في الأرض. ولكن "كيف الحال" اذا حوصرت البلاد بين دين ودنيا مدججين بأسلحة الحكم والسلطة. الى اين نعطي وجوهنا؟ لماذا لا يكتفون بدار الفناء ويتركون القرار لله في دار البقاء؟انهم يريدون كل شيء، الله والسلطة والثروة. ولكن نهاية الاستحواذ على كل شيء خسارة كل شيء.
أحاديث شفوية: القبانجي وسنة الأمر والنهي
نشر في: 8 سبتمبر, 2012: 10:00 م