علي حسينعبد الكريم الذرب.. يعني أن يتحمل أهالي بغداد مسؤولية التدهور الأمني، لأنهم لم يلتزموا بوصايا وتعليمات السيد رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد، والذي هو -وللمصادفة العجيبة- نفسه عبد الكريم الذرب، فالرجل صاحب النظرية الحسابية الشهيرة التي تفوّق فيها على المرحومين الخوارزمي واينشتاين، تقول نظرية العلامة عبد الكريم الذرب،
إن الاستقرار الأمني يعتمد بنسبة 75% على المواطنين ونسبة 25% على الحكومة وفيالقها الأمنية، هكذا وبلمحة شطارة استطاع السيد الذرب أن يضع لنا خطة أمنية محكمة، في الوقت الذي فشل فيه كل الجنرالات الأميركان ومعهم قوات الناتو، وربما قيادات أخرى في البنتاغون ننتظر منها أن تعلن انسحابها من مواجهة السيد الذرب وتحيل نفسها إلى التقاعد. ربما سيتذكر أهالي بغداد كيف أن الأقدار السعيدة وضعت هذا الخبير الأمني أمامهم، وكيف استطاع خلال توليه رئاسة اللجنة الأمنية لمجلس محافظة بغداد، أن يصبح جزءا من التراث الفلكلوري للعاصمة، ولعل أطرف ما سمعته من شخصيات مطلعة على الملف الأمني، إن بعض المسؤولين في واشنطن بدأوا يحللون شخصية السيد عبد الكريم الذرب، وقال نفر منهم إن خطته الأمنية يمكن تطبيقها على أهالي كابل، حيث يتعرضون الى عمليات ارهابية مماثلة، بل ان بعض المسؤولين عن حملة اوباما الانتخابية طالبوا الرئيس الامريكي بأن يقتطف فقرات من تصريح السيد الذرب والذي نشر في حينها على موقع "السومرية نيوز" اوائل تشرين الاول من عام 2011.طبعا لا أريد أن أصادر حق السيد عبد الكريم الذرب في أن يفكر بمثل هذه الطريقة المضحكة، ولا أريد أن احجر على حريته في أن يتكلم بما يشاء، لكن مثل هذا التصريحات وغيرها، هي التي تؤدي بنا كل يوم إلى الخراب، فالذي يتهم الناس المساكين المغلوبين على أمرهم بأنهم يتحملون مسؤولية التدهور الأمني، وإنهم فشلوا في إخراج القوات الأمنية من حالة الاكتئاب التي تمر بها بسبب عصابات كاتم الصوت، ربما سيخرج علينا يوما ليقول إن جهات أجنبية جندت اهالي بغداد لكي يشوشوا على الاستقرار والرفاهية التي تنعم بها العاصمة في ظل قيادة وحكمة السيد الذرب ومن معه.الا ان السيد رئيس اللجنة الامنية لم يتركنا أسرى لنظريته "الفيثاغورية للاستقرار" وحتى لا يقال ان الرجل عاجز عن الإتيان بنظرية جديدة تشغل مجلس الأمن ومعه مجموعة الثمانية، فقد خرج علينا يوم أمس بنظرية أخرى أطلق عليها اسم "وقعوا واصمتوا" وهي النظرية التي ستجبره على النزول بنفسه إلى شوارع بغداد، لكي يجمع التواقيع لبدء الحملة الوطنية للقضاء على الكفار، وما تبقى من فلول الجاهلية الذين يرفضون الدخول إلى حضيرة الحكومة. ففي بيان يصنف في خانة "البلية" دعا الذرب اهالي بغداد الى البدء بحملة لجمع التواقيع لإغلاق كل النوادي الاجتماعية والترفيهية في بغداد، ولم ينس ان يخبرنا سيادته أن المواطنين من اهالي بغداد يستنجدون به للخلاص من هذه النوادي المشبوهة. وهكذا اخيرا وجد اهالي بغداد مسؤولا جسورا، ينزل الى الشوارع والمقاهي يجمع الأصوات والتواقيع، من اجل أن تبقى بغداد ترفل بالعز والتطور والاستقرار بفضل سهر وعناء وتعب وكفاح السيد رئيس اللجنة الأمنية للعاصمة التي لا تزال عصابات الإرهاب والجريمة تسرح وتمرح، وتنفذ عملياتها تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية.يمكن للسيد الذرب أن ينظم مهرجانا للتواقيع ضد النوادي، وضد المثقفين، ولكنه حتما سيعجز عن إقناع اهالي بغداد بفوائد البطالة، وبالمنافع التي تعود عليهم من خلال الفساد المالي المستشري في المحافظة، وبرائحة الازبال التي انتشرت في معظم شوارع بغداد، وبالفشل الأمني الذي ينتج كل يوم عبوات وكواتم ومفخخات.تخيلوا المشهد.. حملة تواقيع من اجل الفضيلة يقودها السيد عبد الكريم الذرب والذين معه في الوقت الذي تعجز فيه المحافظة عن توفير سكن لائق وإنساني لعوائل تسكن بيوتا من الصفيح، او معاشا لأرامل ويتامى يعيشون على الصدقات.سأعلن استعدادي أن أشارك في حملة التواقيع المليونية هذه ضد النوادي، وضد الشباب الذين يعبرون بعفوية عن فرحتهم، وضد أن تضاء قناديل بغداد في الليل، لكنني اشترط على السيد الذرب أن يخرج معنا، نحن المساكين، في تظاهرة، ضد الانتهازيين والمرتشين، ضد انعدام الخدمات، وضد سارقي المال العام. وضد غياب الأمن والأمان. سنظل نقول لا، مرة ومرتين وثلاثا وعشرا، لكل الشلاتيغ الذين صدرتهم لنا مجالس المحافظات، ليتحكموا في رقاب العباد، سنقول لا للمرة الألف، لأن حرية الناس وأمنها واستقرارها تساوي أكثر بكثير من المعروض علينا، من بضاعة سياسية عديمة اللون والطعم والرائحة تريد العودة بنا الى عصر قائد الحملة الإيمانية.
العمود الثامن: ما معنى عبد الكريم الذرب؟
نشر في: 8 سبتمبر, 2012: 10:01 م