حازم مبيضين من حق اللبنانيين الشعور بالقلق، جراء الزيارة التي يعتزم القيام بها لوطن الأرز, البابا بندكت السادس عشر بعد أيام, سواء تمت أو ألغيت, أو تم تأجيلها نتيجة حالة الفلتان الأمني, وفوضى قطع الطرق, وعمليات الخطف في بيروت, والاشتباكات شبه المستمرة في طرابلس.
rn الحالة الأولى, سيكون وجود البابا في لبنان فرصةً لا تعوض, للقيام بعمل إرهابي استعراضي, تغطيه فوراً أجهزة إعلام العالم, التي ترافق في العادة البابا في زياراته, وسيغطي الحدث على كل ما يحدث في منطقتنا, خصوصاً إن تم استهداف الحبر الأعظم, وهنا يجب التذكير بعملية ضبط واعتراف الوزير السابق ميشال سماحة, بالتخطيط والتدبير لهجمات إرهابية داخل البلاد. rnفي حال الإلغاء أو التأجيل, ستكون النتائج وخيمةً على الاقتصاد اللبناني, الذي يعاني مسبقاً من حالة الانكماش, الناجمة عن ركود الموسم السياحي , بسبب امتناع رعايا الدول الخليجية عن قضاء عطلتهم الصيفية فيه, بناءً على توجيهات حكوماتهم, التي تستشعر مخاطر تأثره بما يجري عند حدوده الشمالية " سوريا ", وينسحب ذلك على العديد من السياح الغربيين, الذين امتنعوا عن زيارته لنفس الأسباب.rnسيكون الأمن وتأمين الزيارة وإنجاحها, اختباراً عسيراً لقوات الأمن اللبنانية, وهو اختبار يشير اللبنانيون إلى عدم ثقتهم بالنجاح فيه, في بلد تتوزع فيه الولاءات, حتى داخل صفوف قوى الأمن, وينتشر فيه السلاح بكثرة تكاد تفوق تواجد الخبز في أسواقه, ويصعب تعداد الميليشيات المسلحة على أرضه, بعد أن دخلت العشائر إلى هذا الميدان, وأعلن بعضها عن أجنحة عسكرية فيما التزمت أخرى الصمت.rnإذا ألغيت الزيارة كلياً, كما حدث مع العراق سابقاً, فإن ذلك سيكرس السمعة السيئة للبنان, باعتباره دولة تسودها الفوضى وينعدم فيها الأمن, وهي حالة عانى منها لبنان حتى قبل أن تأخذ هذا الشكل الإعلامي, أما القول بالمجازفة بإنجازها, رغم الظروف الأمنية غير المناسبة، فإنه يؤكد حقيقة أن لبنان ليس على موعد مع سيادة الأمن فيه, لعقود عديدة مقبله.rnيروج البعض للنتائج الإيجابية للزيارة, غير أن المؤكد أنها لن تحل أياً من المشاكل المستعصية في الشارع اللبناني, والمسيحي منه على وجه الخصوص, وستظل في إطارها الروحاني, وستكون رسالتها الأساسية, كما يرى محللون لبنانيون, التركيز على أهمية وضرورة اندماج المسيحيين بمجتمعاتهم، وتفعيل الحوار بحثاً عن سبل التعايش المشترك بين المسيحيين والمسلمين, بعيداً عن العصبية والتعصب.rnمن ناحية ثانية ينظر الفاتيكان إلى الزيارة, باعتبارها فعل شجاعة كبيرة وأمل, وأنها كانت مقرة قبل تفاقم الأحداث في سوريا, ما يدفع الكنيسة وبشكل ملح للوقوف إلى جانب المسيحيين في المنطقة، في وقت يدعوهم فيه "رغم أنهم أقلية في المنطقة" لأن يقدموا شهادة سلام ونشر للحوار، ليس للسكان ومختلف الجماعات الدينية فحسب، بل للمجتمع الدولي.rnوبعد هل سيتمكن بابا روما من زيارة لبنان، ليوجه منه نداء أمل ورغبة في السلام للمنطقة برمتها، وهل هناك من سيصغي إليه، سواء في وطن الأرز أو المنطقة، أو العالم الذي لم تصل لأسماعه بعد أصوات الرصاص، المتفجرة في مهد السيد المسيح وما حوله، أم أنه سيكون لإلغائها صوت أعلى، قد يطرق الأسماع، وينبه إلى ما يجري في هذه المنطقة كلها، وليس في لبنان وسوريا وفلسطين فقط.rnمن حق اللبنانيين الشعور بالقلق، إن تمت الزيارة أو تأجلت, ومن واجب كل من يسكن الشرق الأوسط، مشاطرتهم هذا الشعور.rn
في الحدث :لبنان ومخاوف زيارة البابا
نشر في: 9 سبتمبر, 2012: 08:47 م