توصل فريق من العلماء الى حل للغز محير هو تحسن وضع البعض بتناولهم عقاقير لا تحوي اي مواد فاعلة في تخفيف الألم، وهو المعروف طبيا تحت اسم "بلاسيبو" placebo ويكون تأثيره على المريض كتأثير المورفين مع مفارقة وهي
أن المورفين يقوم بإزالة الالم بينما البلاسيبو يعمل على نفسية المريض عبر ايهامه باعطائه دواءا لتخفيف الامه، و تشير أبحاث جديدة الى ان الدواء "المموَّه" المعروف باسم "بلاسيبو" placebo يؤدي مفعوله لأسباب منها سد الطريق على اشارات الألم التي تمر عبر النخاع الشوكي ومنعها من الوصول الى الدماغ. وعندما يتوقع المريض ان يكون العلاج مؤثرا يطلق هذا التوقع عمل تلك المنطقة من الدماغ المسؤولة عن السيطرة على الألم مؤديا الى افراز مادة الاندوفرينز endophrins المخففة للألم، بصورة طبيعية. وترسل مادة الاندوفرينز سيلا من التعليمات الى النخاع الشوكي لإخماد اشارات الألم القادمة فيشعر المريض بالتحسن سواء أكان للعلاج تأثير مباشر أم لا. يعكس تسلسل الأحداث في الدماغ بصورة دقيقة الطريقة التي تعمل بها عقاقير افيونية مثل المورفين، الأمر الذي يقدم سندا اضافيا للرأي القائل ان مفعول الدواء الكاذب "البلاسيبو" يكمن في الفسيولوجيا. يعزز هذا الاكتشاف وجهة النظر التي تعتبر ان العديد من العلاجات المتعارف عليها تستمد جزءاً من مفعولها من توقع المريض بأن العقاقير ستجعله يشعر بتحسن، وتشير ابحاث جديدة في العقاقير المضادة للكآبة الى ان 75 في المئة في الأقل من الفائدة تأتي من تأثير "البلاسيبو"، كما يلاحظ اطباء ان المريض يؤكد تحسن حالته بعد ايام فقط على تناوله العقاقير المضادة للكآبة رغم انها تستغرق عدة اسابيع قبل ان يبدأ مفعولها الحقيقي المباشر بالعمل. وجرى في الدراسة التي نُشرت مؤخرا في مجلة "ساينس" تصوير النخاع الشوكي لخمسة عشر متطوعا سليما باستخدام تقنية التردد المغناطيسي الوظيفي. وتركزت عملية التصوير على منطقة تُسمى "القرن الظهري"dorsal horn ، وظيفتها نقل اشارات الألم الآتية عبر النخاع الشوكي الى مناطق من الدماغ ذات علاقة بالألم، وخلال عملية التصوير تلقى المتطوعون وخزات باشعة الليزر في ايديهم وقيل لكل منهم ان مرهما مخففا للألم وضع على احدى يديه ومرهما آخر بلا مفعول وضع على اليد الأخرى لأغراض المراقبة. ولكن ما لم يعرفه المتطوعون ان المرهم الثاني، الذي ليس له اي مفعول استُخدم في الحالتين. أكد الأشخاص الذين ظنوا ان مرهما فاعلا وُضع على يدهم ان الألم خف لديهم بنسبة 25 في المئة وسُجل لديهم هبوط ملحوظ في نشاط ممر النخاع الشوكي الذي يحلل الألم. وكانت أبحاث سابقة أظهرت ان "البلاسيبو" يطلق مركّبات افيونية طبيعية في مناطق من الدماغ ذات علاقة بالسيطرة على الألم، ولكن لم يكن معروفا ما إذا كانت المركبات الافيونية تؤثر في النخاع الشوكي بالطريقة نفسها التي تؤثر بها العقاقير الاصطناعية المخففة للألم أو انها ببساطة تغير قدرة الأشخاص على التحمل أو فهمهم للألم. وتنقل صحيفة "التايمز" عن فولك آيبرت من مركز هامبورغ ـ ايبندورف الطبي الجامعي الذي ترأس فريق البحث قوله ان الدراسة أظهرت ان العوامل النفسية يمكن ان تؤثر في الألم في اولى مراحل عمل الجهاز العصبي المركزي كما تفعل عقاقير مثل المورفين.
دور الــعـــامـــل الــنــفــســي فــي تــخــفــيــف الالــــم
نشر في: 20 أكتوبر, 2009: 05:12 م