TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قرطاس: المعدوم الحيّ

قرطاس: المعدوم الحيّ

نشر في: 11 سبتمبر, 2012: 06:59 م

 أحمد عبد الحسينلافت تصريح النائب مثال الآلوسي للمدى أمس أن "المالكي لا يريد ولا يتمنى للهاشمي أن يعود إلى العراق خاصة بعد صدور حكم إعدامه". بالفعل يكفي المالكي أن غريماً له حوكم وحُكم عليه بأقسى عقوبة، فذلك يمنح رئيس الوزراء قوة فوق قوته بما يوحي لخصومه أن الرجل قادر على "إعدام" أيّ منهم إن لم يكن بحبل مشنقة حقيقيّ فبحبل حكم غيابي يبعدهم عن العراق ما شاء الله.
هل نحن بحاجة لأن نكرر أن جرائم الهاشميّ وعصبته تستحقّ أن تدان قضائياً وشعبياً وإعلامياً؟ الهاشمي أعدم نفسه ـ مع وقف التنفيذ ـ مذ مزج بين العمل السياسيّ وتفريغ نزوات طائفية لم يكن قادراً على إخفائها، ومثله كثيرون اليوم، صعدوا باسم الطائفة إلى منصة سياسية رفيعة، بعضهم كان كالهاشمي أيضاً يلجأ إلى إسكات خصومه بالقوة والعنف إن لم يسكتوا بالتهديد.لكنْ رغم كل ذلك سيكون أفضل للمالكي وجماعته لو أن الهاشمي لم يأتِ، أن يبقى معدوماً عن بعد قد يحرق قلوب أهالي ضحايا الهاشمي، لكنه يثلج قلب الحكومة التي لا تريد أن تمضي قدماً في مسألة صارتْ إقليمية بامتياز، فيها خارطة صراع إيراني ـ تركي لا تخطؤه العين الباصرة.أمس أعلنت تركيا أنها لن تسلّم الهاشمي ولو بجبل من ذهب! وأحسب أن المالكي كان أشدّ الفرحين بهذا الخبر، سيظل الرجل يدور على العواصم المموّلة والمساندة له، من أنقرة إلى الدوحة مروراً بالرياض وهو معدوم بحبل مشنقة خفيّة.كلنا يدرك أن الوقت الذي يمرّ لن يكون في صالح الهاشمي، إن كان له أتباع اليوم ينتفضون ضد قرار إعدامه، فلا أظنّ أنه سيجدهم غداً، سينفضّون عنه رويداً رويداً وسيجد نفسه عاجزاً عن إحداث أي تأثير، كما لن يجد له آذاناً صاغية في العواصم التي أعطته ملاجئ آمنة.ربح المالكي هذه الجولة، تخلص من خصم قويّ "قويّ بمساندة الإقليم" دون أن يريق قطرة دم من غريمه، وإلا فدماء عراقية بريئة كثيرة أريقتْ بسبب نبأ إعدام الهاشمي حتى ولو كان إعداماً بالبلوتوث كما عبر إعلاميّ عراقي أمس.عظيم أن يكون القانون في صفك، وأن يكون خصمك هارباً في الوقت الذي لا تريد ليديك أن تتلوثا بدمه، فتستثمر القانون على أكمل وجه لتوقع عليه أقسى عقوبة ممكنة وتجلس تدعو الله أن لا يأتي.المدافعون عن الهاشمي سيتعبون، ستخور قواهم لأنهم لن يستمروا في الهتاف باسم رجل سيبقى متنعماً إلى أن يموت على فراشه الوثير في عاصمة آمنة، لكنه سيجد نفسه نسياً منسياً، سيصبح هو وخطابه أثراً بعد عين.وهذا عين ما يريده رئيس الوزراء. لكنْ .. أليس هذا هو ما نريده نحن أيضاً، شخصياً أنا لا أتمنى أن يعدم بحبل حقيقيّ يكون وقوداً لفتنة، أريده أن يظل بعيداً، معدوماً حياً، لأن حياته ستمنع كثيرين من مواصلة التنديد بإعدامه والثأر له.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram