حازم مبيضين لم يكن ينقص الأزمة التي تطحن الشعب السوري, غير مؤتمر رباعي يجتمع فيه الأضداد سياسياً ومذهبياً, للبحث عن حل يرضي الجميع, وهو في الحقيقة لن يرضي أحداً حتى الذين يتبنونه, فالرئيس المصري, وهو صاحب الاقتراح, يتبنى مسبقاً ضرورة تنحي نظيره السوري, وقد أعلن ذلك بغير وسيلة,
rnوكانت وجهة نظره مرفوضةً في عاصمة الأمويين, ومن حيث المبدأ يؤازره في ذلك الجانبان التركي والسعودي, ويزيدان عليه بتقديمهما أشكالاً متنوعة من الدعم لمعارضي الأسد والبعث, وواضح أن هذا الجهد يلفت نظر القوتين العظميين المعنيتين بما يجري في سوريا, وقد سارعت واشنطن للتشكيك بجدواه, بينما سارعت موسكو لاقتراح عقد مؤتمر في موسكو. مصر تقول إنها تستهدف من مبادرتها دعم مهمة الأخضر الإبراهيمي وأنها تسعى لتحقيق وقف فوري لأعمال القتل والعنف، والحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، ورفض التدخل العسكري الخارجي فيها، وضرورة إطلاق عملية سياسية بمشاركة مختلف أطياف الشعب السوري, للوصول إلى إرساء نظام سياسي ديمقراطي وتعددي, وكل هذه أهداف نبيلة لكنها غير قابلة للتوافق عليها بين أطراف المؤتمر الأربعة, والمؤكد أن إيران ستتبنى بعضها على أن يتم ذلك برعاية الأسد, وهو ما ترفضه بقية الأطراف.rnلثلاثة من الأطراف الأربعة أصابع تحترق في سوريا, فتركيا مثقلة بهموم اللاجئين, ومتهمة بدعم مناوئي النظام السوري, وإحياء الفكرة العثمانية, والسعودية أعلنت وجهة نظرها بضرورة تنحي النظام بكامله عن السلطة, ودمشق تتهمها بتقديم دعم مالي وتسليحي للثوار, ومحاولة نشر المذهب الوهابي, وإيران منخرطة بكل قوتها في الدفاع عن الأسد, ومتهمة بالقتال إلى جانبه ومده بالمال والسلاح, ومحاولة بناء هلال شيعي يمتد من طهران إلى بيروت عبر العراق وسوريا وبعض المناطق في الخليج, وهي في واقع الأمر تحشد المؤيدين له بكل الأساليب, والسؤال هو كيف لهذه الأطراف أن تتوافق على حل يرضي السوريين ونظامهم في آن معاً. rnفي الوقت عينه يبدأ الإبراهيمي مهمته مثقلاً بالتشاؤم, وكلا طرفي النزاع يؤكد صوابية نظرته المتشائمة, وهو يسعى لمقاربة جديدة تتجاوز ما طرحه سلفه كوفي عنان, بينما تتمسك موسكو بنتائج مؤتمر جنيف التي بنيت عليها خطة عنان ذات النقاط الستة, التي ترى واشنطن أن الزمن قد تجاوزها, وتحمّل دمشق مسؤولية فشلها, كل هذا والمعارضة متشظية إلى معارضات متباينة تتصارع على جلد الدب قبل اصطياده, والجانب العسكري منها, والمتكون من منشقين عن الجيش النظامي ليس أحسن حالاً, حتى أن هناك من ينشق عنه, فيما يتصارع كبار الضباط على قيادته, بعضهم يرى أنه الأسبق والأجدر, وبعضهم يتطلع إلى عدد النجوم على الكتفين كمعيار لتبوُّء موقع القيادة.rn لا أقل من 100 عدد القتلى يومياً في سوريا, وهو مرشح للزيادة, وقد تجاوز عديد القتلى 200 في بعض الأيام, وعاصمتا البلاد تغرقان في الفوضى, والمؤتمرات تتجاوز هذه الحقيقة التي يدفع الشعب السوري ثمنها من دم أبنائه, والخسائر التي تضرب اقتصاد البلاد وصلت إلى أرقام فلكية والشرخ يزداد اتساعاً بين مكونات المجتمع, والتدخل العسكري لحسم الموقف مرفوض من الجميع, عدا بعض أصحاب الرؤوس الحامية من معارضي الخارج, وهم يتنقلون بين الفنادق الفارهة, ويتبارون في الظهور على شاشات الفضائيات, دون أن يكون لهم امتداد أو فعل على الأرض, والواقع السيئ يتجاوز كل التخيلات, حتى نكاد نرى في ما حدث في العراق قبل إطاحة صدام مجرد نزهة.rnليأتمر الأربعة في القاهرة, اثنان مرجعيتهما تنظيم الإخوان المسلمين, وواحد وهابي, والرابع متمسك بفكرة ولي الفقيه, بعضهم يصلي وقبلته واشنطن, والبعض يتوجه إلى موسكو, وليس بينهم من ينظر ولو بطرف عينه إلى دمشق.rnحمى الله سوريا والسوريين.rnrn
في الحدث:اجتماع القاهرة الرباعي طحن في الماء
نشر في: 11 سبتمبر, 2012: 09:40 م