TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية:حاميها قاضيها

أحاديث شفوية:حاميها قاضيها

نشر في: 11 سبتمبر, 2012: 10:07 م

 احمد المهنالفترة طويلة وفي أحداث سياسية كثيرة تكرر استخدام تعبير "الفرصة الأخيرة" في الصحافة العربية. ولكن نادرا ما اغتنمت السياسة العربية أي فرصة أخيرة أو أي فرصة غير أخيرة. تولى صدام حسين حكم العراق في العمر المناسب والظرف الملائم. وكانت فرصة عظيمة بددها هباء، فخسر نفسه، وتفرقت اسرته أيادي سبأ بين القتل والنفي، ودخلت البلاد في متاهة، عجزت معها عن ممارسة سياسة أو شن حرب. ماذا كان يريد؟ هذا سؤال يصح على كل سياسة تخرج 
rn الطريق. وهي ترتكب هذا الانحراف كلما زاد تخريبها وقل تعميرها، وكلما انعطفت من التفكير العقلاني الى الخيالي. rnومن طرائف ثورة الطلاب في اوروبا عام 1968 أن متظاهرة شابة سئلت عن أهداف الثورة فردت قائلة: "حين تعرف ماذا تريد تصير بورجوازيا"! والغربيون أصدق منا نحن الشرقيين لأن الحرية التي يعيشونها تعلمهم الصدق. ومن هذا الباب أقرت تلك الطالبة بأنها تجهل الهدف، أو أنها تعرفه معرفة سلبية، أي تعلم بما لا تريد ولا تعلم ماذا تريد.rnسؤال ماذا يريد أو ما الهدف في محله ايضا بالنسبة الى حكم الاعدام الصادر بحق طارق الهاشمي. فهذا الحكم "محنة" بنظر تكتل العراقية. و"مدعاة للأسف" بتعبير رئيس الجمهورية. وجرس انذار برأي رئاسة اقليم كردستان التي قالت انه "ربما يهيء لصراع طائفي مرير". هذه المواقف تعني ان حكم القضاء أغضب السنة ولم يرض الكرد.rnوليس من طبيعة القضاء الحر والنزيه والعادل التسبب بتنمية احتمال "صراع طائفي مرير"، أو بصدور مثل هذه المواقف عن اثنين من أصل ثلاث كتل سياسية رئيسية في بلد. والقضاء النزيه، على أي حال، يوجد فقط في الدول الديمقراطية. فهي وحدها تنزل القانون في مقام أعلى من السياسة. عدا هذا النوع من الحكومات يمكن القول ان هناك في العالم نوعين آخرين من الأنظمة المستقرة هي التسلطية والدكتاتورية. والحكومة تكون فيهما عادة فوق القانون، خصوصا فيما يتعلق بقضايا السياسة.rnوالعراق ليس ديمقراطية ولا دكتاتورية ولا تسلطية. انه دولة في حال عدم استقرار، ولم يأخذ النظام السياسي فيها بعد شكلا محددا وراسخا. وبين يدي المالكي فرصة، كالتي كانت بين يدي صدام، وربما أكثر، للسير بالبلد في سياسة لا تخرج عن الطريق. ولكن الحكم على الهاشمي مناسبة جديدة للتذكير بسياسة اهدار الفرص، كما هي مناسبة جديدة لاعادة طرح سؤال: ماذا يريد؟rnان الدستور، على كل علاته، كان يعرف ماذا يريد للقضاء عندما جعل منه عدة هيئات منفصلة ومستقلة عن بعضها بعضا، للحيلولة دون اخضاع هذه السلطات القضائية المتعددة للحكومة. ولكن الواقع هو ان شخصا واحدا اليوم يرأس مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا ومحكمة التمييز الاتحادية. كما أن قانون عراق صدام رقم 160 لسنة 1979 النافذ حتى اليوم يركز سلطة القضاء بيد رئيس مجلس القضاء الأعلى. وهذا الرجل لن يكون سوبرمان لينجو من تأثير القوة العسكرية والأمنية المركزة بيد واحدة هي الأخرى. وهي حال جعلت من حاميها قاضيها ومن الخصم والحكم واحدا.rnليست القضية هي براءة أو ادانة الهاشمي، وانما هي صلاح أو خراب السياسة. والصلاح هو استقامة الغاية واغتنام الفرصة. والخراب هو فساد الغاية وتبديد الفرصة. rnrn

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram