علي حسينوأخير اكتشفنا أن ثلاثة فقط يحتكرون الحقيقة في العراق: مكتب القائد العام للقوات المسلحة، وجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وثالثهما الإعلامي سالم مشكور.. مكتب القائد العام يرى في منتقديه والمختلفين معه، والمطالبين باحترام حريات الناس ومراعاة حقوق الأقليات جهلة، ولا يعرفون في القانون الذي يريد البعض أن يفصله على مقاسه الخاص. وأما جماعة الدعوة إلى شرطة الأمر بالمعروف، فقد ذهبت ابعد من ذلك، واعتبرت على لسان احد دعاتها الكبار أن كل من يخالف أخلاق الحكومة وأعرافها في سرقة المال العام وغياب الأمن والخدمات فهو كافر ويستحق الجلد تحت نصب الحرية.
rnالثالث هو الإعلامي سالم مشكور، الذي اعتلى أمس صهوة جواد الكلمة، في مقال نشرة في صحيفة "الصباح الجديد" تحت عنوان "سياسيون ضد القانون" يصف فيه الذين كتبوا واعترضوا على الطريقة البربرية التي تمت فيها اهانة الناس الابرياء، وعلى غياب العدالة والقانون في مسألة غلق النوادي الاجتماعية، بأنهم مدمنو كحول وان قلقهم واحتجاجهم يدخل في باب الخوف من أن يحرموا من من جرعتهم اليومية، وأظن ان هذا خطاب حكومي بامتياز ذكرنا بصولة كامل الزيدي الذي وصف المثقفين بأنهم ثلة من المخمورين.. كلام السيد مشكور يمكن ان يصدر من قائد امني "دمج" لكنه بالتأكيد لا يمكن ان يكون خطابا لرجل إعلامي ظل لسنوات يقدم برنامجا تلفزيونيا –حديث النهرين– يدافع فيه عن الحريات وعن حق الناس في الحياة بأمان واستقرار.rnاذن يريد السيد مشكور ان يصور للناس أن القضية لا تتعدى مسألة منع البارات ومحال الخمور، فلماذا كل هذا الضجيج، وربما يتساءل وأشاركه السؤال ايضا هل انتهينا من معركة بناء نظام سياسي غير طائفي، يليق بقيمة العراق الحضارية والإنسانية لنتفرغ للدفاع عن "المدمنين"، هكذا إذن يريد البعض أن يدافع عن فضيحة إهانة الناس وضربهم وسرقة أموالهم وتخريب ممتلكاتهم، بخطب ومقالات يعتقد أصحابها أن الحكومة مسكينة مسالمة، وتريد أن تدافع عن حقوق المواطنين ولهذا من حقها ان تضرب الآخرين وتذلهم وتصادر حرياتهم، لأنهم ليسوا من أصحاب هذه الارض فهم "بدون" ويمكنهم ان يهاجروا إلى أي بلد يمارسوا فيه الفوضى والمنكر وعليهم وخصوصا المسيحيين أن يستمعوا جيدا لما قاله احد ضباط صولة الثلاثاء: "شعدكم هنا متروحون يم اقاربكم بالسويد لو باستراليا"، ولا ادري ما الجهة التي سينصحنا السيد سالم مشكور أن نهاجر نحن المشاغبين الذين لا نريد ان نعترف بالانجازات العظيمة التي حصل عليها العراقيون بعد الصولة المظفرة التي قامت بها قوات المالكي.rnكل يوم نقرأ مقالات غريبة لكتاب من الدرجة العاشرة يستعرضون فيها مهاراتهم في شتم الآخرين وتخوينهم، ولا نعيرها اهتماما لأن تأثير أصحابها معدوم أصلا، أما السيد سالم مشكور فهو وجه اعلامي معروف وبالتالي فأن لكلماته تأثيرا على الناس، ثم إنه شخص يعمل في هيئة مهمتها الدفاع عن حق العراقيين بالمعلومة وتنظيم حرية الاتصال، فتخيلوا ماذا يمكن أن يحصل لنا وهو يدافع بشراسة عن انتهاك القانون والحريات.rnإذا كان البعض قد وجد أن أولويات الحكومة تكمن في الصولة على النوادي الاجتماعية، فإن أحدا لا يصادر حقهم في ترتيب أولوياتهم ومصالحهم الشخصية كما يشاءون، ولكن لا يجوز لهم ان يمارسوا علانية لعبة خلط الحق بالباطل، التي تدفع الناس للتساؤل: هل تشكلت مؤسسات دولة محترمة تضمن حقوق جميع العراقيين؟ أو تجاوزنا كل المصاعب، ليخصص السيد المالكي وقته الثمين في صولات تريد أن تعيد بغداد إلى زمن العصور الوسطى.rnكان المفروض من السيد مشكور ألا يسكت ولا ينبغي أن يسكت إذا اقتربت أي سلطة -مهما يكون عشقه لها- بسوء من الحريات الخاصة والعامة.rnاذكر أنني قرأت هذه السطور التي كتبها السيد سالم ذات يوم "كنت عائدا إلى البلاد عبر أحد المطارات، التقيت شخصا كنت عرفته في المهجر. كان أنسانا بسيطا لم ينل نصيبه من التعليم أكثر من المتوسطة. استقبلني بحرارة وأصرّ على اصطحابي إلى مكتبه الفخم، وقبل أن أسأله عن موقعه سمعت أفراد شرطة ينادونه: سيدي. سألته: ما الأمر؟ أجاب: لقد دمجونا. عرفت من شرحه انه أصبح فجأة «عقيدا» في الشرطة بقرار رسمي. rnولن أجد أفضل من سطوره هذه، لكي أستخدمها ردا على مقالة أمس وأقول له يا صديقي.. انظر حولك وستجد أن حكومتك تنتحل صفة دولة المؤسسات عبر مسؤولين كل شيء فيهم يؤكد أنهم "دمج".rn
العمود الثامن :اعلام "دمج"
نشر في: 11 سبتمبر, 2012: 10:08 م