علي عبد الحسين محمد إنّ الأجيال الجديدة لم تعد تقرأ الصحف كما كان الحال في الماضي أو تشارك في موضوعاتها ، مما يوحي بأن الصحف الورقية في طريقها للانقراض ، أما ( صحافة الإنترنت ) فالتطور الكبير في الاتصالات و زيادة استخدام إنترنت الهاتف الجوال فقد قاد ناشري الصحف والمجلات
rnإلى الاتفاق مع شركات مثل ( آبل ) و ( أمازون ) وشركات المحمول الأخرى لصنع صحف إلكترونيةrnمقابل مبلغ مالي للاشتراك في خدماته . rnلقد كان في الماضي حتى السبعينات تصدر صحف مسائية ، ربما لا تقل أهميتها عن صحف النهار لمن كان يتابع أحداث العالم ، واختفت بسبب ظهور التلفزيون و برامجه الإخبارية المصورة والمتواصلة في نقل أحداث العالم أولاً بأول وبكفاءة عالية إلى المشاهد حيثما كان ، و يقول (( ستيف هوينيش )) وهو من كبار رجال الصحافة في أمريكا ( إن حال هذه الصناعة العملاقة سوف يكون أشبه بحال الديناصور الكسيح ) ، وقد أجرت صحيفة معروفة في الولايات المتحدة الأمريكية بحثاً حول عدم قراءة الجريدة فكانت النتائج هو اتجاه القراء نحو التلفزيون و الانترنيت للحصول على الأخبار والمستجدات العلمية والصناعية وغيرها ، و تشير التقديرات إلى أن توزيع الصحف اليومية في الولايات المتحدة في العام (1985) كان حوالي (62.8 ) مليون نسخة و انخفض إلى (55.2 ) مليون نسخة في العام ( 2002 ) ، وهذا الانخفاض الكبير يثير كثيرا من القلق حول وضع الصحافة في المستقبل غير البعيد ، فقد أدى الانصراف النسبي عن قراءة الصحف المطبوعة من ناحية ورغبة هذه الصحف ذاتها من الناحية الأخرى في متابعة أداء رسالتها على الوجه الأكمل إلى أن يصدر بعضها طبعات رقمية على الشبكة الدولية لنشر محتوياتها من الأخبار والمعلومات الأخرى على أوسع نطاق ممكن ، وكل ذالك بقصد الانفتاح على أجيال جديدة من القراء الذين قد لا تكون لهم معرفة كافية سابقة بتلك الجرائد أو سياساتها ، و عسى أن يساعد ذلك على عودة معدلات توزيع الجرائد (الورقية) إلى الارتفاع مرة أخرى ، ولكن يبدو أن ذلك الهدف لم يتحقق بالقدر الذي كانت ترجوه هذه الصحف ، وقد يبدو غريبا أنه على الرغم من انتشار التعليم وارتفاع مستوياته فإن الأجيال الشابة لم تعد تهتم كثيرا بقراءة الجرائد اليومية ، وتفضل الرجوع إلى وسائل الإعلام الأخرى لمتابعة الأخبار ، بل والحصول منها على كثير من المعلومات الأخرى ، و إن الصحافة تعرف في الوقت ذاته مدى الخطر الذي يتهدد وجودها من وسائل الإعلام المختلفة وتدرك أنه لا مفر لها من أن تراجع باستمرار سياستها ومنهجها وأسلوبها في التحرير وطريقة صياغة الأخبار والمعلومات وعرضها ، بل وإعطاء قدر أكبر من الاهتمام بالجوانب العلمية والتكنولوجيا و مستجداتها ، أن هناك جوانب أخرى مهمة يجب الاعتناء بها مثل نوعية الورق و الصور الملونة ، وغير ذلك من وسائل التشويق والجذب التي تخاطب عقول الشباب الذين هم قراء المستقبل . rnو في التسعينات وعند بداية انتشار الإنترنيت والستلايت بشكل كبير طرح سؤال حول مستقبل الصحافة نتيجة لانتشار استخدام الإنترنت بكل ما يتميز به من سرعة فائقة في نشر الأخبار والإعلانات ، و اعتقد الكثيرون أن القرن الحادي والعشرين سوف تكون (الصحافة الإلكترونية) بديل الجرائد المطبوعة العادية ، والواقع أن كل الجرائد المهمة في معظم دول العالم لها موقع على الشبكة الإنترنيت ، و يقول (( جون سكويارز )) وهو أحد كبار رجال الصحافة الأمريكيين في اجتماع مديري التوزيع الذي عقد في ( كندا ) في العام (2004) (لقد ماتت بالفعل الجرائد المطبوعة ، ولذا ينبغي على صناعة الصحافة أن تركز تركيزا شديدا على النشر الإلكتروني ) ، وهذا هو ما يحدث الآن بالفعل ، إذ بدأت بعض كبريات الصحف في الخارج ترسل من دون مقابل رسائل إلكترونية لمن يطلبها تحتوي على رؤوس الموضوعات وملخص لأهم الأخبار التي تنشرها في طبعتها الورقية ، وتعتبر ذلك خدمة عظيمة بالنسبة للأشخاص الذين لا يجدون لديهم الوقت الكافي لقراءة الجريدة ذاتها ، أو الذين لا تصل إليهم الجريدة في الوقت المناسب ، ويبدو أن هذه الطريقة هي الأكثر انتشارا في المستقبل ، نظرا لتعقد الحياة و التي لن تترك للأفراد فسحة من الوقت تسمح لهم بتصفح الجريدة كلها ، و الآن أكثر الجرائد تصدر طبعة إلكترونية كاملة من الجريدة الورقية و ترسل كل صباح إلى المشتركين على شاشة الكمبيوتر ، ويذكر المختصون أن حوالي نصف الذين يتصفحون الطبعات الإلكترونية على شاشة الكمبيوتر ليسوا من قراء الجرائد على الإطلاق ، و أن الكثيرين يرون أن النشر الإلكتروني هو نوع من الدفاع عن النفس تلجأ إليه الصحافة الورقية و التقليدية لضمان استمرار بقائها ووجودها على الساحة ، بالرغم من التراجع الكبير في التوزيع ، ومن وجهة نظر أخرى فقد مكن الانترنيت من وصول الجريدة إلى أبعد من السابق ، إذ بالإمكان الآن وصولها إلى كل دول العالم وأصبحت تلعب جانبا مهما في سياسة تلك الدول ، وقد لاحظنا الربيع العربي كيف انتقل إلى الدول المجاورة الواحدة تلو الأخرى ، ل
صحافة الإنترنيت وقرّاء المستقبل
نشر في: 14 سبتمبر, 2012: 07:21 م