حازم مبيضينتمثلت ردة الفعل على فيلم أميركي أخرجه إسرائيلي, وتضمن إساءات بذيئة للإسلام ونبيه الكريم, بهجمات استهدفت السفارات الأميركية في القاهرة وبنغازي وصنعاء, وانتشرت حمى التظاهر في شوارع المدن الإسلامية, للمطالبة بقطع العلاقات مع الولايات المتحدة, وسقط وسيسقط قتلى آخرون,
إن لم يكونوا من الدبلوماسيين الغربيين, فإنهم من بين المتظاهرين, وكان مؤسفاً أن المهاجمين في ليبيا لجؤوا إلى العنف المفرط, الذي تسبب بوفاة السفير الأميركي, المعروف بمناصرته للثوار الذين أطاحوا معمر القذافي, وبما يعني ضمناً أنه صديق للشعب الليبي, كان جزاؤه القتل على يد من كان يناصرهم.العداء للإسلام, ظاهرة كانت رد فعل على مواقف المتشددين من الإسلامويين, المعادين للأديان السماوية كافة, والمستعدين لشن الحرب ضد معتنقي هذه الديانات, التي حض الاسلام على احترامها, ولعل هؤلاء هم من انتهز الفرصة للهجوم بوحشية على الدبلوماسي الأميركي في بنغازي, وغزوة نيويورك ليست بعيدة عن الأذهان, صحيح أن هناك متشددين ومتطرفين في الغرب المسيحي, وهؤلاء مدانون عند كل الديانات, وبعيدون عن تعاليمها, لكن علينا النظر إلى نظرائهم من الإسلامويين, وهم يشنون غزواتهم حتى ضد المسلمين, غير المناصرين لأفكارهم الظلامية.موظفو السفارات الاميركية لم يشاركوا في تمثيل الفيلم البائس, ولعل بينهم مسلمون متدينون, أو متعاطفون مع القضايا الإسلامية والعربية, والوحيد الذي يتحمل المسؤولية عن التهجم على الرسول والقرآن, هو منتج الفيلم ومخرجه, وبعض الأقباط المصريين المؤازرين له, لأسباب سياسية تتعلق بعلاقتهم مع دولتهم, وكان حرياً بالمتظاهرين الذين يحركهم الغضب, العودة إلى سيرة نبيهم الكريم الذي رفض حتى معاقبة رسولي مسيلمة الكذاب اليه, رغم إصرارهما وفي حضرته على تبني أفكار مسيلمة, لمجرد أنهم رسل وسفراء.الممثلون الذين شاركوا في العمل البائس أعلنوا البراءة منه, واتهموا المخرج بخداعهم, وبأنه أوهمهم بأنهم يشاركون في فيلم عن الحياة في الصحراء, وقد قام خلال المونتاج بإضافة اسم النبي محمد في الكثير من المشاهد, بدلاً من الاسم المستخدم أثناء التصوير, ولا يعفيهم ذلك من المسؤولية, لكن هؤلاء ومعهم المخرج والمنتج, ومن يقف وراء هذا العمل المدان والبائس, لن يتأثروا سلباً إن دخلت العلاقة مع أميركا في حال نزاع, وهم كما يبدو بالفعل يتمنون ذلك ويعملون في سبيله.الإدارة الاميركية, ونعترف بأن مواقفها تجاه القضايا الإسلامية ليست ودية ولا إيجابية, ليست مسؤولة بشكل مباشر عن الفيلم, وقد دانته بأشد العبارات, وللذين يجهلون نمط الحياة في الغرب, فإن منتجي الأفلام ليسوا مجبرين على أخذ موافقات مسبقة, كما هي الحال في عالمنا الإسلامي, ولعل الكثير من المسؤولية يقع على عاتق مراكز الأبحاث الغربية, التي فتشت عن الفوارق بين الإسلام والمسيحية, بدل أن تبحث عن المشتركات, وعلى الفكر المسيحي المتصهين, الذي يسعى لتخويف الغرب من كل ما هو إسلامي, خدمةً لمصالح إسرائيل. المؤسف أن أعمال الغضب ضد الفيلم, تكاد تؤكد ما ذهب إليه منتجه من أفكار بغيضة عن الإسلام والمسلمين ووحشيتهم ودمويتهم, والغضبة العرمرمية غير المنتجة, تكاد تكون جائزة الفوز لمن يقف وراء هذا العمل البغيض, إن هي نجحت في توتير العلاقة بين الديانتين السماويتين, عشية وصول الإسلام السياسي إلى الحكم في أكثر من دولة عربية, ولا نغالي أو نبتعد عن الحقيقة إن قلنا إن العنصرية الإسرائيلية وحدها ستكون من يحصد نتائج إيجابية من الفيلم ومن ردود الفعل في العالم الإسلامي ضده وقد تحولت إلى فوضى مدمرة وضارة في الكثير من الحالات. وبعد, هل ينفع التذكير بأن كتاب آيات شيطانيه لقي رواجاً أكبر, بعد ردود الفعل الإسلاموية ضده, بما فيها إهدار دم كاتبه, ورصد جائزة إيرانية لمن يقتله, وأن الرسوم الدانماركية المسيئة للرسول لقيت انتشاراً أوسع, بعد التظاهرات ضد من رسمها ونشرها, وضد المنتجات الدانماركية التي تلقى اليوم رواجاً أكبر في عواصم الإسلام, وأن احترام الرسول والاقتداء به لم ينقص عند المسلمين المؤمنين برسالته, بعد كل تلك التخرصات.
في الحدث: فيلم بائس بـذيء.. وانتقام في غير محله
نشر في: 14 سبتمبر, 2012: 08:41 م