علي حسينيصرّ النائب على الشلاه أن يرفدنا بين الحين والآخر بآخر نكات السياسة العراقية، فالرجل ورغم مشاغله، إلا انه لا يزال يعشق تأليف الكتب من شاكلة "اضحك مع جحا".. فنراه لا يغادر منصات الفضائيات، مصرا كل يوم ليتحفنا بآخر ما توصلت إليه قريحة المرحوم جحا من فكاهات جديدة، إلى درجة أن عددا من دور النشر تتمنى لو يتكرم رئيس لجنة الثقافة والإعلام البرلمانية ويتفرغ لتأليف موسوعته "كيف تضحك في سبعة أيام؟".ففي واحدة من قفشاته الجديدة أكد السيد علي الشلاه ردا على سؤال وجهه له الصحفي في جريدة العالم مصطفى ناصر
rnrnحول رأيه في انتشار العديد من صور القادة الإيرانيين في بغداد والمحافظات، قائلاً أن "الكثير من المواطنين يرفعون صور جمال عبد الناصر أيضا وهو شخص غير عراقي، فمن غير المنطقي أن نطلب من طرف واحد وضع صور لشخوص ورموز يعتقد أنها نموذج له، ولا نطلب من آخر"، مؤكدا "وجود محددات تمنع أمانة بغداد ودوائر البلدية من إزالة الصور". rnتصريح الشلاه يثبت بالدليل القاطع أن الناس على حق حين لا تصدق السياسيين ولا تثق بهم، ويثبت أيضا أن مساحة الفكاهة في الحياة السياسية تزداد وتتسع كل يوم، وان دلالة حديث الشلاه وقبله أحاديث لعدد من السياسيين تقول بوضوح إننا نعيش عصر التسالي الذي لن ينتهي إلا باختفاء سياسيي "النكتة" الذين يصرون على ابتكار كل الوسائل للضحك على عقولهم. rnحين قرأت الخبر تصورت أن الشلاه يتحدث عن مدينة غير بغداد، وعن محافظات يتوهم السيد النائب أنها ظلت حتى يوم أمس تهتف "بالروح بالدم نفديك يا جمال".rnحديث السيد الشلاه يثبت بالدليل القاطع أن هناك جوانب مضحكة كثيرة في حياتنا، بل وكوميدية، فلو أن مسكينا قرأ هذه التصريحات فسوف يتصور أن العراقيين تجرأوا واستغلوا انشغال الحكومة ومجلس النواب بمناقشة قوانين المنافع والامتيازات، فاخذوا يعلقون صور الزعيم المصري في كل الطرقات، ليس من حقنا أن نصادر فرحة الشلاه بأنه مقرب من رئيس الوزراء ولا يمكن لأحد أن يمنعه من التعبير عن هذه الفرحة بتصريحات تخالف المنطق والواقع، غير أنه في قضية تتعلق بسيادة البلاد واحترام خصوصيته الوطنية، فأعتقد أن الأمر يجب أن لا يترك لتصريحات الشلاه وبعض المقربين rnالتساؤل لماذا تظهر تصريحات الشلاه ومعه مجموعة المقربين في أزمنة الاضطرابات وغياب العدالة الاجتماعية؟ ولماذا نجد نواب ومسؤولين وساسة يتصرفون بالوطن كأنه ملكية خاصة. rnحديث الشلاه يدخل ضمن مشروع استباحة العراق، وهو المشروع الذي تروج هذه الأيام معظم الكتل السياسية بمختلف توجهاتها، والذي يريد به ساستنا الأشاوس أن يربطوا مصير العراق بما يدور في الغرف المغلقة لدول الجوار، فالناس تدرك جيدا أن بعض السياسيين ساهموا ويساهمون في تقديم العراق على طبق من فضة إلى دول العالم كافة، ويدركون أن كثيرا من السياسيين لهم قدم في العراق وأخرى في إحدى دول الجوار، وان البعض من الأحزاب السياسية ساهمت في اختراق الأمن الوطني للعراق.rnوليس بعيدا عن مشروع استباحة العراق الذي انتشر هذه الايام بسرعة البرق، ما أعلنه القيادي في ائتلاف دولة القانون علي العلاق عن الاسباب التي دفعت كتلته للامتناع عن التصويت على مفوضية الانتخابات حيث اكتشفنا ان الامر لا يتعلق بكفاءة الاشخاص الذين سيتم اختيارهم، ولا باستقلالية المفوضية وإنما في التمثيل الطائفي الذي يريد له البعض ان يسود معظم مؤسسات الدولة، فالنائب العلاق يقول ان "منح التحالف الوطني اربعة مقاعد لا يمثل نسبة الشيعة في المجتمع العراقي بوصفهم اغلبية، والعراقية بوصفها سنية تريد ثلاثة مقاعد والخلاف يتمحور حاليا على عدد التمثيل بعد ان حدد الاعضاء بتسعة فقط"، وهذه أخطر أنواع الاستباحة، لأن الرجل هنا يطالب الجميع باستباحة واحدة من اهم الهيئات المستقلة التي تشرف على انتخابات البلاد.rnفي كل مرة اقرأ تصريحا من هذه العينة أتساءل: كم سيتحمل الناس مثل هذه الاستعراضات التي فقدت منذ زمن القدرة على إضحاكهم، للأسف أن الكثير من العاملين في حقل السياسة لا يقرأ الأحداث جيدا والنتيجة، أن أفعاله وتصريحاته تأتي خاطئة، وبعضهم لا يعرف أصول مخاطبة الناس ما يجعلنا نعيش حالة تنذر بالخطر.rnrnrn
العمود الثامن:علي الشلاه وصورة عبد الناصر
نشر في: 14 سبتمبر, 2012: 10:00 م