يعقوب الرفاعيحرية التعبير عن الرأي لا تعني إطلاق العنان لوصف حالة ما وتقييمها حسب ما نشاء،فهذا نمط من التخلف الأخلاقي والعقلي والنفسي، كما أنها لا تعني تصادم الديانات والحضارات أو الثقافات؛ بل يجب أن تكون ذات بعد إنساني يدل على التحضر واحترام الآخر، بينما لو افترضنا أن التعبير عن الرأي
rn وسيلة للطعن والنيل من الآخر وجرح كرامته والحط من منزلته والتحامل على هويته وثقافته ومعتقداته وتشويه صورته التاريخية ؛ فمعنى ذلك أن العالم قد عاد إلى زمن البدواة والتوحش حيث تسود عقلية العنف واستصغار واستضعاف الآخر.rn فقد أعلنت جماعة من أقباط المهجر عن إنتاج فيلم سينمائي بعنوان “حياة محمد رسول الإسلام ” الفيلم انتهى تصويره مؤخراً باستديوهات أمريكا، من إخراج سام باسيل، وكان من المزمع عرضه يوم 11 سبتمبر/ الحالي، أثناء المحاكمة الشعبية لمحمد صلى الله عليه وسلم، في “اليوم العالمي لمحاكمة محمد”، التي دعت لها “الهيئة العليا للدولة القبطية” التي يترأسها عصمت زقلمة الذي يقدم نفسه على أنه رئيس الدولة القبطية المنتخب، وموريس صادق سكرتير عام الدولة، وتحت رعاية كنيسة القس المتشدد تيري جونز، بولاية فلوريدا الأمريكية.يتناول فيلم أقباط المهجر بشكل ساخر – وإباحي في أحايين كثيرة – تماما حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويصفه بأوصاف يعف اللسان عن ذكرها خصوصا في علاقته بأم المؤمنين السيدة خديجة زوجته الأولى ثم بزواجه من أم المؤمنين السيدة عائشة.يبدأ الفيلم بمشهد اعتداء مجموعة من المسلمين المتطرفين في صعيد مصر على صيدلية لطبيب صيدلي مسيحي يشعلون فيها النيران مع تركيز على تواطؤ من رجال الشرطة وتسهيلهم لهؤلاء المتطرفين إتمام مهمتهم.كما يقدم الفيلم؛ الرسول عليه الصلاة والسلام في صورة سلبية تماما مع الكذب في ما يتعلق بوحي السماء برسالة القرآن الكريم.ثم ينتقل إلى الحديث عن بداية قصة حياة النبي محمد مستخدما ممثلا أميركيا يقدم الشخصية بكثير من الاستخفاف ثم يتحول إلى تقديم رسول الإسلام وصحابته على أنهم مجموعة من المتطرفين من هواة العنف والدماء. rnإن إنتاج فيلم يتناول حياة نبي الإسلام واصفا إياه وصحابته بشتى الأوصاف المهينة؛ يدل على رواج عقلية الانتقام من الآخر لكن بأسلوب دراماتيكي، وهذه دلالة واضحة على استمرار الحرب الإعلامية ضد ثقافة الشرق، فالغرب يعيد مرة أخرى تطبيق نظرية توينبي وفق مقولة (الغرب غرب والشرق شرق) كما أنه يعيد إلى الذاكرة نظرية فوكوياما (نهاية التاريخ)عندما أعلن أن الحضارة الوحيدة الأصيلة التي سوف تبقى ولن تزول هي الرأسمالية الغربية بينما لن تصمد بقية الحضارات لأنها لا تملك مقومات البقاء؛ باستثناء الرأسمالية الغربية. rnهذا هو صدام الحضارات؛ صراع ساخن بين الأمم والشعوب يرتكز على نظرية الأقوى المتوحش الذي يستهين بما سواه معتبرا العالم مغنما له، فلا حق للآخرين بالسيادة على حقوقهم ولا حق لهم بالاعتزاز بمعتقداتهم وثقافتهم. rnإن الاحتجاجات الجماهيرية التي اجتاحت بعض بلدان العالم والتي ندد بواسطتها المحتجون بالإساءة لرسول الإسلام من قبل جماعة قبطية هو ردة فعل طبيعية، لأن الإساءة لمحمد ص تعتبر مساً بجميع المسلمين في العالم أجمع وتجريحا وهتكا لكرامتهم وتشويها لهويتهم. rnالفيلم التشويهي الذي تم إنتاجه يأتي في إطار الحملة العالمية الشرسة التي تستهدف المسلمين وهويتهم متضمنة النيل منهم بشتى السبل، كما أنه يشكل دافعا لكل المتربصين بالمسلمين وحضارتهم لكي يمعنوا في مهاجمة الحضارة الإسلامية وهتك حرمتها واعتبارها حضارة مزيفة ومتخلفة،وهذا ما يخطط له أعداء الدين ويسعون لتحقيقه.rn
حرية التعبير واصطدام الديانات
نشر في: 15 سبتمبر, 2012: 07:39 م