TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عالم آخر: فشل بـ600 وسينجح بـ30

عالم آخر: فشل بـ600 وسينجح بـ30

نشر في: 15 سبتمبر, 2012: 09:03 م

 سرمد الطائياننا امام مسألة عويصة جعلت الشعب كله يشعر بالملل من الحكومة كلها. ورغم ان الكثير من العراقيين تعاطف مع رئيس الحكومة وهو يطلب 32 مليار دولار تحت بند قانون البنى التحتية، لانقاذنا وتغيير حياتنا البائسة، فقد تذكرت وانا اتابعه السبت ان السيد رئيس الوزراء طلب منا الكثير على مر الاعوام، ومنحناه دون جدوى.
لقد سبق للسيد رئيس الحكومة ان طلب 100 يوم فقط للاصلاح، عدا آلاف الايام التي حكمنا فيها، فمنحناه تلك المهلة ثم انقضت مئات الايام ولم يحصل فرق يذكر في حياتنا.ثم طلب قبل 3 اعوام 5 مليارات دولار فقط كي يشتري محطات كهرباء، بعد ان انفق نحو 30 بلا جدوى، فمنحه ممثلو الشعب وتمكن من شرائها، وعاد ليطلب 5 مليارات اضافية لاغراض نصب المعدات، وحصل عليها. وهذه رابع سنة تمر علينا دون نتيجة واضحة.السلطان اليوم يعود ليطلب اكثر من 30 مليار دولار امريكي، كي يحدث طفرة انفجارية في حياة العراقيين، وهي طفرة لم تحصل بمبلغ 700 مليار دولار انفقته 4 حكومات علينا حتى الان فلازلنا نمشي على شوارع المياه الاسنة، وبلا امن او كهرباء او مدارس تسد ربع الحاجة.ولا اعتراض على المزيد من المشاريع، وقصارى ما هنالك اننا نخشى على الثلاثة الاف يوم القادمة، والسبعمئة مليار دولار القادمة، والمئة ألف مشروع القادمة. نخشى ان تصبح مثل المليارات والسنوات السابقة، حالات متعثرة وغير مجدية.فهناك من يشعر بالقلق من ان يحصل السلطان على المليارات التي طلب كديون تسجلها الصين واليابان وكوريا علينا، ثم لا يتقن ابرام الصفقات، ويخرب كل شيء طبقا للخراب الذي منيت به عملية انفاق 700 مليار دولار من مال العراقيين الذين يعيشون في مدن هي الاسوأ عبر العالم كما تقول احصاءات ومؤشرات بني ادم من حولنا.ولكن هل لخشيتنا او قلقنا معنى يا ترى؟ هل تقدم هذه المخاوف او تؤخر؟ اننا نموت كل يوم واموالنا تهدر وعلاقاتنا بدول العالم تخرب، لكننا صامدون بأمل ان يكون قادتنا يوشكون على امتلاك خبرة اكبر تطور مواهبهم وقدراتهم ليصبحوا اقدر على حكمنا نحن المساكين. كما ان امهاتنا يمددن ايديهن بالدعاء لاولي الامر عند كل غروب، كي يصلح حالهم ويكبر عقولهم. الا ان السماء تنحبس عن دعائهن كما يبدو، وكلما اغار سلاطيننا في غزوة او ذهبوا في صولة، لم يعودوا لنا بماء او كلأ، بل جاؤونا فرحين بأحكام اعدام لهذا، او اوامر اعتقال لذاك، او قرار بتخريب العلاقة مع عملاق نفطي او عضو في حلف الناتو، او حاملين طلبات للمزيد من المال حتى لو كان على شكل ديون.الحديث مع المسؤولين التنفيذيين من كل المدن، يجعلني اشعر بالاحباط. اختصرها مسؤول رفيع التقيته الخميس بالقول: ليست هناك خطة مال اوادم، الجماعة يرتجلون ويتخذون قرارات غير مدروسة، والنتيجة اننا نعيد تبليط شوارعنا مرة كل عامين، ونعيد حفر مجارينا مرتين بالسنة. خططنا تنتمي الى موديل الستينات، وليس هناك اداء حديث للادارة. نقطة راس سطر!الاعترافات التي اسمعها دوما من مسؤولين "لا بعثيين ولا كرد ولا صدريين، بل مقربين للسلطان نفسه" تجعلني اخشى على الفلوس الاضافية التي يطلبها السيد المالكي. اما الصديق الساخر الجالس الى جانبي الان فهو يقول ان هذه الاعترافات يفترض ان تجعلنا غير مبالين كثيرا. فالخطط الفاشلة اهدرت 700 مليار دولار، فما قيمة 32 مليارا اضافية يطلبها المالكي اليوم وقد يهدرها غدا؟ واذا كان قادتنا قد اهدروا كل هذه المبالغ الكبيرة فماذا سيزيد او ينقص حين يهدرون مبلغا اضافيا لا يعادل سوى ميزانية بلد فقير مثل المغرب؟وعلى اي حال فإننا امام قاعدة عراقية ستمثل مسارا مبتكرا في اقتصادات الدول النامية، وهذا المنظور يفترض ان السلطان فشل في استثمار 700 مليار، لكنه سيحقق نجاحا بـ 30 فقط، سواء تملكني القلق، او شعر صديقي باللامبالاة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram