TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: لدينا "العسكري".. لكن أين "الرجل"؟

العمود الثامن: لدينا "العسكري".. لكن أين "الرجل"؟

نشر في: 15 سبتمبر, 2012: 09:41 م

 علي حسينلا أدري من أين جاء النائب سامي العسكري بكل هذه القدرة على الاستخفاف بعقول الناس، فهو يقفز بمنتهى الخفة على تساؤلات العراقيين وقلقهم حول تأخر تسمية الوزراء الأمنيين، وما يصاحب هذا الملف الحساس من صراع سياسي تكون نتيجته خروقات أمنية يذهب ضحيتها مئات الأبرياء، النائب يقول وبوضوح أن "لا مشكلة لدى الحكومة دون تسمية الوزراء الأمنيين بالأصالة،
لأن وزير الثقافة سعدون الدليمي يدير الدفاع بالوكالة، والداخلية مستمرة بعملها وليس هناك مشكلة في هذا الملف"- ويقصد طبعاً الملف الامني -.تصريحات اقرب إلى العبث منها إلى السياسية، فالرجل اكتشف أن البلاد لا تعاني من مشاكل أمنية، فقط هناك غشاوة أصابت عيون العراقيين فمنعتهم من أن يروا بوضوح حجم الانجازات التي حققتها الحكومة في هذا المجال، ولهذا فالعسكري ووراءه مقربو رئيس الوزراء يريدون أن يبقى الوضع على ما هو عليه وعلى المتضرر –الشعب- أن يضرب رأسه في اقرب حائط، لأنه شعب ناكر للجميل ينسى أفضال "سادته" السياسيين وكيف أنقذوه من مصير أسود حين كان غارقا في مستنقعات التخلف والجهل والفوضى. اعرف وكما يعرف غيري من متابعي "السيرك الحكومي" أن لرئيس الوزراء ناطقا باسمه وآخر باسم الحكومة، ومجموعة مستشارين يتقاضون أول كل شهر رواتب مليونية مع جيش من الحمايات، ومدراء المكاتب والسكرتارية، ومع ذلك نفاجأ كل يوم بواحد من المقربين يمسك بالميكرفون ويتحدث باسم الحكومة، ليقول لنا انه وحده يحمل صفة المتحدث الشخصي لرئيس الوزراء.. طبعا سيتهمني البعض بأنني أصادر فرحة السيد سامي العسكري باعتباره احد أعضاء فريق "تشخيص مصلحة المالكي"، غير أن قضية بخطورة وحجم الملف الأمني لا يمكن أن تترك لأمزجة المقربين، طبعاً لم ينسى السيد العسكري أن يؤكد لنا ان "الملف الامني ليس معنيا بوزيري الداخلية والدفاع وإنما بالقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء نوري المالكي".وهذا كلام شديد الخطورة، لأن معناه ببساطة أحد شيئين: إما أن الوزراء مجرد مناصب سياسية لا علاقة لها بإدارة ملف الوزارة، وإما أنه مقتنع أن السيد المالكي "سوبرمان" يستطيع ان يدير كل الوزارات، وكأنه لا يوجد أشخاص مؤهلون لإدارة هذه الوزارات. ولهذا اضحك كلما تخيلت الصورة التي يرسمها المقربون من رئيس الوزراء وهو هابطا بعباءة السوبرمان.. لينقذ البلد من الوحوش والكواسر، اضحك لأن الناس توهمت ان تغيير قضى على فكرة "القائد البطل". طبعا من حق العسكري أن يقول ويؤمن بما يشاء من أفكار، ومن حقه الاعتقاد بأن الحكومة حققت انجازات امنية عظيمة جعلت القاعدة تولي الأدبار وتصبح من الماضي حسبما اخبرنا يوما الناطق باسم عمليات بغداد، لكن ليس من حقه ولا من حق المقربين فرض حكومة "الأمر الواقع" على الناس.. وليس من حقهم الاعتقاد بان هذه البلاد لم تنجب بشرا غير مقربي رئيس الوزراء.ندرك جيدا أن البعض يحلو له أن يتعامل بعشوائية مع ملفات خطيرة وهامة، ويتحرك بلا أي إستراتيجية أو منطق سوى منطق الصوت العالي، وبلغت بهم قلة الحيلة أنهم صاروا يخترعون لنا كل يوم عدوا جديدا كي ننسى العدو الحقيقي، وصارت معظم تصريحاتهم تثير المشاكل والأخطر غضب الناس.تصريح سامي العسكري يلخص بدقة، العقلية التي يحملها معظم الساسة وهي عقلية لا تؤمن بمؤسسات الدولة، وترضى بتفسير واحد للديمقراطية يقول إن الشعب لا يحق له أن يناقش او يتدخل في القرارات التي يتخذها "القائد الضرورة" مهما كان مضارها أو عدم صلاحيتها، وهذا بالضبط ما يريد أن يخبرنا به السيد العسكري بما أن الشعب كان بكامل وعيه عندما اختار المالكي قائدا عاما للقوات المسلحة فعليه ان يضع في بطنه "بطيخة صيفي" كما يقول إخواننا المصريون،  والآن بعد كل الذي قرأناه وسمعناه ألا يحق لنا أن نتساءل: ألا يوجد رجل عسكري في هذا البلد يصلح لان يتولى الملف الأمني، كي يكفيها مذلة خطب وتصريحات المقربين، سيقول البعض طبعا لدينا "العسكري" ولكن أين الرجل؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram