اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > بعشيقة.. عناق روحي بين المساجد والكنائس والمعابد

بعشيقة.. عناق روحي بين المساجد والكنائس والمعابد

نشر في: 16 سبتمبر, 2012: 07:01 م

 نينوى/ يوسف المحمداوي.. تصوير/ محمود رؤوفمدينة تنعم بأهم ثروة يحتاج إليها العراقيون الآن، وهي التعايش السلمي، ووحدة الصف، وتغليب روح الانتماء للوطن على أية انتماءات أخرى، كانت السبب في المشاكل التي تعصف بالوطن بين الحين والآخر، بعشيقة لوحة فنية رسمتها ريشة عراقية خالصة،
لم يكن للمحاصصة المقيتة دخلٌ في زيت ألوانها أو قماشها أو إطارها، لذا تجدها فاتنة لعيون وقلوب الجميع، وحين تذهب لرؤيتها لا يمكن لأي شخص أن يضعك في خانة دينية أو قومية، بل سيضيفك حتماً إلى لوحة العراق المصغر الذي تمثله تلك المدينة، هذا العشق الممزوج بالألفة والحب الإنساني الخالي من جميع الشوائب الدخيلة على مجتمعنا لم يكن وليد اللحظة لكنه  سلوك متوارث في قلوب أهل مدينة حباها الله بنعمة العشرة الممزوجة بالطيبة العراقية الخالصة.rnردٌّ صادم ومستحقلي الحق أن أقول هذا وطني وهذا شعبي لأنه في أول دخولي للمدينة سألت صاحب أسواق للمواد الغذائية عن انتمائه الديني، وكان قصدي من السؤال هو لغرض دعم موضوعي والتحدث مع أكثر من جهة دينية، ولكن كان الرد قاسيا ومستحقا في نفس الوقت حين قال:" أنت من بغداد أليس كذلك؟ فقلت له نعم فأجابني: رجاءً لا تنقلوا لنا أمراضكم، فنحن هنا جميعا عراقيون أولاً ثم تأتي بعد ذلك معتقداتنا وقومياتنا، وهذا ما حفظ المدينة من نقمة التمزق والتفرقة"، لحظتها تمنيت أن يصغي معي أمراء الفتنة وبعض سياسيي الفرقة والتشتت من اجل تنفيذ رغبات هذه الدولة أو تلك.المدينة ناحية تابعة لقضاء الموصل وتقع ضمن حدود سهل نينوى، وتبعد عن مركز المحافظة بحدود النصف ساعة في السيارة، وفيها عدة قرى عربية وكردية وتركمانية ومسلمة كالشبك وغيرهم ومسيحية وايزيدية، الناظر من بعيد يرى الكنيسة بقرب المسجد وكذلك المعابد الايزيدية، وفيها كذلك مقام للإمام الرضا المدفون في إيران حيث يقع المقام في قرية يسكنها الشبك، ومعظم سكنة بعشيقة يتكلمون اللغة العربية، بالإضافة إلى الكردية والسريانية والتركمانية.الزيتون وصناعة الصابونتشتهر بعشيقة بزراعة الزيتون وصناعة الصابون والراشي ولها معامل أهلية لصناعة المناشف، واشتهرت بعشيقة أيضا بصناعة المشروبات الروحية كالعرق والنبيذ، ويعد عرقها من ارقي أنواع الخمور، وكنا أيام الشباب نواظب على احتسائه حتى داخل المعسكرات لكن بعد نهاية الواجب بالتأكيد، وكان لنا  صديق ايزيدي يجلب لنا العرق في جلكان صغير سعة 5 لترات، نقوم بإخفائه خارج أسوار المعسكر في حفرة خاصة، وفي الليل نتسلل إليها كاللصوص خوفا من الضباط لننعم براحة ونشوة لا تستغرق سوى سويعات ومقبلات الجلسة بالتأكيد لبن وأحيانا الكرزات التي تشتهر بها الموصل، وفي تلك الأيام كتبت العديد من قصائد الغزل ومنها قصيدتي (الاطلال) في الشعر الملمع والذي هو خليط ما بين الشعر الفصيح والشعبي، وذكرت فيها عرق بعشيقة حين قلت "يا فؤادي لا تسل أين الهوى/ عشك كلبي طالبة من نينوى/ اسقني واشرب على اطلاله/ عرق بعشيقه الجرح كلبي دوا"، ولكن ذهب الآن كل شيء... العمر وكذلك الخمر.وصلنا المدينة صباحا أنا وزميلي محمود ومعنا الزميل الإعلامي خالد الموصلي الذي اتصل بزميل إعلامي أيضا اسمه حكيم وهو من الشبك، مدينة تجد فيها الكنيسة تعانق المسجد والمعبد الايزيدي يغازل المقام الشيعي ما أجمل الحب والتقديس ورؤية تطبيق القول لكم دينكم ولي ديني، وللذين فاتهم التعرف على مكون الشبك الذي يبلغ تعداده حسب إحصاء 1977 ثمانون ألفاً، وبالتأكيد تضاعف الآن هذا العدد ، هناك الكثير من الآراء بشأن الشبك وأصلهم ولغتهم وديانتهم وأعدادهم، لكن الذي يتفق عليه الجميع هو أن الشبك هم عراقيون يعيشون ضمن محافظة الموصل منذ مئات السنين، فتذكر الموسوعة الحرة الشبك بأنهم جماعة قومية في العراق تدين بالدين الإسلامي منهم على المذهب الشيعي والبقية يتبعون للمذهب السني.لا وجودَ للقبيلةوجود الزميل حكيم ساعدنا كثيرا في الوصول إلى احد رجال الدين الايزيديين الذي حضر ساعة الاتصال به إلى مقام الشيخ محمد وهو من شيوخ الديانة الايزيدية، وجدنا عند الباب العديد من الشباب وخشيت أن اسألهم عن ديانتهم خشية أن يتكرر الرد الصادم الذي تلقيته في بداية دخولي إلى بعشيقة. احد الشباب يقول إن المقام تعقد فيه مناسبات العزاء كالمآتم وتتم فيه داخل هذه القاعة الكبيرة حل مشاكل الطائفة والاجتماعات الدينية، كما يقول الشاب كرم الياس سليم، ويؤكد  لا وجود للعشائر داخل طائفتهم فهم مكون واحد يترأسهم أمير الطائفة، وعن التعايش بينهم وبين المسلمين والمسيحيين يؤكد سليم : أن جميع أهل بعشيقة هم إخوة ويتعايشون وفق مبدأ احترام طقوس واعتقادات الجميع، فهم يحضرون أفراحنا وأحزاننا وكذلك نحن، مضيفا انه في شهر رمضان يقوم المسلمون مثلا بإعطاء فطرة العيد للفقراء من أهل المنطقة سواء كان الفقير يزيديا او مسلما او مسيحيا، وهذا ما يبين لكم حجم التآلف والمودة التي تعيشها العوائل في بعشيقة.وبينما سليم يتحدث تمنيت وما أكثر أمانينا المقبورة أن ندخل الساسة الطائفيين دورات معايشة في بعشيقة، ليشعروا بقيمة الإنسان العراقي حين يراهن على عراقيته أولا ومن ثم قوميته أو دينه أو

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram