TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عالم آخر:إفلاس "سايبا" ورأس سلمان رشدي

عالم آخر:إفلاس "سايبا" ورأس سلمان رشدي

نشر في: 16 سبتمبر, 2012: 09:09 م

 سرمد الطائيحاولت ان اهرب اليوم من الخبر العراقي الى الاخبار الايرانية. لقد افزعتني تفاصيل الديون التي يريد رئيس الحكومة نوري المالكي ان يكبلنا بها من اجل تغيير حياتنا نحو الافضل، وخاصة المعلومة التي تفيد بأنه يطلب 37 مليار دولار عبر قانون يتكون من صفحتين وبضعة رؤوس اقلام ودون تفاصيل كافية، مذيلا بكلمة مهموسة وغير مدونة تقول "الويل لكم ان لم تصوتوا لمشروع البنى التحتية".
rnrnان خيارات النخب الحاكمة تضيع علينا المزيد من فرص التقدم بسبب عاطفة تتسيد على العقل، واحلام ضيقة تبرر الكسب الانتخابي السريع. والاخبار الايرانية تقدم لنا نموذجا آخر على كيفية تلاعب الساسة بعقول الجمهور ومصالحهم العليا.rnتقول صحف ايران التي اطالعها كل صباح بلغتها الفارسية وبدون "وسيط صهيوني"، ان طهران منعت فيلما مسيئا للاسلام، وهو فيلم ايراني لا امريكي، اسمه "دورية الارشاد او الاعلام" اي شرطة الامر بالمعروف على غرار النموذج في السعودية، وسيناريو الفيلم ينتقد الطريقة التي تتعامل بها حكومة ايران مع الشباب الذين يرتدون الزي الحديث..الخ. الشرطة صادرت كل نسخ الفيلم اعتبارا من الاربعاء الماضي ويواجه المنتج دعوى بالسجن والغرامة، لكن النتيجة ان الفيلم صار يباع بآلاف النسخ "تحت العباءة".rnوالرقيب الايراني مشغول جدا هذه الايام بأفلام وروايات عديدة، وبينما رفضنا جميعا الفيلم الامريكي الرديء الذي جعل مليار مسلم يشعرون بالاهانة، وقام العقلاء بالدعوة الى احتواء الموقف والكف عن قتل الدبلوماسيين الاجانب، فإن مستشارا رفيعا للمرشد علي خامنئي اعلن ان رأس سلمان رشدي ارتفع سعره نصف مليون دولار اضافي، بحجة ان المسلمين لو كانوا نجحوا قبل ربع قرن في قطع رأس الاديب الهندي الذي كتب الرواية الشهيرة في نقد الاسلام، لما تجرأ الاخرون على انتاج الفيلم الرديء. وهذه هي الطريقة الحكيمة التي تقترحها طهران على امة الاسلام لمعالجة ملف صار عويصا وأحزن الجميع، بينما نتحدث عن المزيد من الرؤوس التي ينبغي قطعها!rnاما ثالث الاخبار فهو عن مصنع سيارات سايبا الايراني اذ اصبح العراق زبونا رئيسيا له وملأنا شوارعنا بسياراته الصفراء التي يعتبرها العراقيون "ستوتة محسنة وفيها تبريد" ودعمنا المصنع بكل ما اوتينا من قوة (وانا اعتبر نفسي احد مموليه، لانني ادفع كل يوم اجرة تاكسي "سايبا" ذهابا وايابا).rnلكننا نحن الداعمون لهذه السيارة الايرانية لم ننجح في مسعانا لان العقوبات التي فرضها مجلس الامن خلقت ازمة عملة صعبة في ايران وعقدت اجراءات شراء المواد الاولية والمصنع اليوم يوشك على التوقف والافلاس.rnكل الدعم الذي قدمته بغداد ودمشق حين ملأت شوارعنا وشوارع سوريا بهذه السيارة، لم يفلح بتسهيل اداء المصنع الايراني. دعم العراق وسوريا لن يستطيع كبح جماح الضغط الغربي. والبرنامج النووي لطهران سيؤدي الى ايقاف مصنع السايبا الايراني، وفي الاخير لن نصنع لا سيارة ولا نووي ولا حتى دراجة هوائية.rnواتخيل هنا لو ان المسؤول الايراني استثمر النصف مليون دولار التي اضافها على قيمة رأس  سلمان رشدي، في قضية اكثر اهمية وهي تطوير صناعة السيارات المفتقدة للتمويل اليوم، ولو انه توقف عن دعم الانتحاريين والجماعات المسلحة من غزة حتى قندهار، لكنا امام رجال دولة يغلبون العقل على العاطفة ويقودون شعوبهم الى تقدم كبير.rnان الانتصار الحقيقي على اسرائيل وكل خصم مفترض للاسلام، هو تطورنا التقني والعلمي والحضاري، ولولا تشدد حكام طهران لقدم لنا شعب ايران الاكثر تحضرا، نموذجا يحتذى في مجالات التقدم، وعندها لن يخاف الايرانيون العقوبات الدولية، ولن يضطروا الى مقايضة نفطهم بأغذية باكستانية داخل ميناء ماليزي مهجور كما حصل مطلع الاسبوع الحالي.rnالنخبة الحاكمة تسخر من شعوبها، وتهدد بقطع رؤوس خصومها، والشعب مظلوم من السلطان ومن المجتمع الدولي، وفي النهاية تتبخر الاوطان او تدخل في متاهات لا يصلحها حتى 600 مليار دولار انفقها السيد المالكي اثناء حكمه لنا.rnrn

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram