نصيف جاسم حسينلم أستطع – رغم محاولاتي الكثيرة- معرفة "لغز" شارع السعدون، لكني استطعت- بغير جهد بالغ- أن أعرف أن ثمة شوارع أخرى في بغداد وبقية محافظات العراق تشارك شارع السعدون نفس اللغز المحير الذي يقف إزاءه المواطنون مشدوهين لا يعرفون فيما إذا كان المسؤولون يشاطرونهم حيرتهم هذه أم لا؟ أغلب الظن أن المسؤولين يعرفون أن ثمة ما يستحق النبش تحت الجزرة الوسطية في شارع السعدون ، وإلا لما نبشوها أربع مرات منذ عام 2004
rn ويتم نبشها الآن للمرة الخامسة!!! المبرر المعلن للناس"ظاهريا" هو إكساؤها بالكونكريت "المقرنص" ، ففي المرة الأولى تم إكساؤها بالمقرنص العراقي الذي يبدو انه لم يعجب أحدهم فتم إعلان مناقصة أخرى ،لكن هذه المرة بالمقرنص الإماراتي أو الكويتي، ويبدو أن أحد الأشخاص قد اعترض على مصدره لأن "كتلته" ليست على وفاق مع جهة "المصدر" التي تؤيد "المقاول الأول" ،وفضاً للنزاع ،تم إعلان المناقصة للمرة الثالثة على أن تتم الإحالة هذه المرة من قبل "لجنة مشتركة" تمثل جميع "مكونات" العراق التي يبدو أنها لم توفق في اختيار"الكفاءات من ذوي الخبرة والاختصاص" وكان تعيينهم في اللجنة على أساس الانتماء الطائفي والقومي وليس على أساس الكفاءة شأنها شأن بقية اللجان في كل شأن من شؤون العراق، لذا كانت نتيجة العمل غير مرضية للجميع، ويبدو انه قد تم مؤخرا تشكيل لجنة "من ذوي الخبرة والاختصاص، على أن يراعى فيها تمثيل"المكونات" هذه المرة"، ولا أعرف فيما إذا كانت هذه اللجنة ستنجح هذه المرة في إيقاف النبش المستمر لجزرة شارع السعدون أم لا؟rnلكن المشكلة ليست بمثل هذه السهولة في بقية المحافظات العراقية، فالجزرات الوسطية هناك لا تضم كنزا مدفونا يستلزم النبش كما هو الحال في جزرة شارع السعدون، بل هي بحد ذاتها "كنز" يتقاتل عليه المتنفذون هناك لأن أقاربهم من المقاولين لا يجيدون القيام بأي عمل غير"المقرنص" لأنهم بكل بساطة "أسطوات بناء" أصبحوا أصحاب شركات بين ليلة وضحاها، والمعركة مستمرة للحصول على الجزرات الوسطية لأنها بكل بساطة مصدرالثراء الذي لا ينازعه أي ثراء آخر، فسعر المتر الواحد هناك يتجاوز في بعض الأحيان (200 ألف دينار) ،في حين أن كلفته الحقيقية لا تزيد على (20 ألف فقط)!! وأصبح الصراع على الجزرات الوسطية يأخذ أبعادا أخرى، فبعض المحافظات باتت تهدد بإعلان المحافظة "إقليما" إذا لم يتم توزيع الجزرات الوسطية "على المكونات" بنسب متساوية، ويبدو انه قد تمت تسوية المسألة هناك ،بتدخل إقليمي، ودولي أخذ شكل زيارات مكوكية لبعض الشخصيات العالمية لإقناع الأطراف المتنازعة على قبول الحل الذي يبدو أن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق كانت قد اقترحته وذلك بأن تتم إحالة مقاولات الجزرات الوسطية على الأطراف المتنازعة بالتساوي، ولضمان هذا "التساوي" يقوم كل طرف بنبش المقرنص الذي قام بتنفيذه الطرف الأول وإعادة إكساء الجزرات بالمقرنص ،وهكذا إلى أن يشارك الجميع في الحصول على مقاولات إكساء الجزرات الوسطية بنفس النسبة ولنفس الجزرات في المناطق المتنازع عليها. نسيت أن أذكر أن "بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق UNAMI " تفكر الآن في إنشاء قسم خاص لمتابعة موضوع "الجزرات الوسطية ، والمقرنص" لضمان العدالة في التوزيع والتزام جميع الأطراف بالحصص المتفق عليها وفق خطة "المحاصصة" التي وافق عليها جميع الأطراف.rn
"لغز" شارع السعدون
نشر في: 17 سبتمبر, 2012: 06:34 م