عامر القيسيمن باب المشاكسة ليس إلا نبّشت في أوراق مجلس النواب فاكتشفت أن أعداد النواب العراقيين الذين حصلوا على القاسم الانتخابي لكي يمثلوا الشعب لا يزيد على30 نائبا، وأكثر البقية حصلوا على أصوات أقلّها ستة أصوات وأكثرها لا يتعدى الألف، وهذا يعني أن لدينا ما يقرب من 295 نائبا لا يعرفهم الناخب
ولم يصوت لهم ولا يمثلونه لا من قريب ولا من بعيد، وان حيازتهم كراسي في البرلمان جاءت بسبب قانون الانتخابات المفصّل على قياسات الكتل الحيتانية الذي رحّل أصواتاً إلى أناس لا يستحقونها! وحسب التقرير فإن 30 نائبا ونائبة لم يتفوهوا بكلمة واحدة منذ انطلاق عمل البرلمان، وإن نسبة الغياب بشكل عام تجاوزت الـ 45% وإن عطل البرلمان العامة والتشريعية أكلت 50% من أوقات نوابنا العملية. لن نتطرق إلى القضايا الشخصية كالامتيازات وشراء العقارات في العواصم المحيطة بنا،فهذه قضايا شخصية وهي نتاج الجهد الكبير الذي يبذله نوّابنا من أجل مصالح الشعب،حتى أن أكثرهم لديهم مشاكل مرضية في عيونهم نتيجة سهرهم على راحة المواطن الناخب المخدوع!هذه الحقيقة هي التي تفكّ طلاسم البرلمان الضعيف المعطل وغير القادر على أن يقوم بمهامه التشريعية والرقابية وحماية الدستور.. برلمان يواجه رئيس الوزراء دون أن يستطيع مناقشته عن القضايا الخطيرة التي تتلاعب بمقدرات البلاد مثل الإرهاب والفساد المالي، بل يتحول إلى مستمع جيد لما يريدهم رئيس الوزراء أن يوافقوا عليه. يا للحسرة!برلمان أضعف من الحكومة بما لا يقاس في الوقت الذي ترتجف فيه الحكومات،في التجارب الديمقراطية في تمثيل البرلمان الحقيقي للشعب، من مجالس النواب وتتملق حتى رضا البرلمان لأن زعله يعني سحب الثقة من الحكومة وتحويلها إلى جزء من ماضي البلاد!برلمانيون يصوّتون على قرارات ومشاريع وقوانين وتعديلات لم يقرأوها والذي يقرأها لا يقلبها والذي يقلبها لا يفقه منها شيئا، إنهم شطّار جدا في اقتناص الفقرات التي تمس المصالح الشخصية أو الطائفية أو الحزبية.. في هذه اللحظات المبجلة تظهرالألسن وتشمر السواعد وربما تفخخ الشوارع.. الله أعلم.أحد النوّاب قال لي بما معناه، لدينا نوّاب كالموظفين الكسالى يعدّون الأيام وصولا إلى نهاية الشهر لتسلم الرواتب وكفى الله المؤمنين شرّ القتال! هذا النمط من النواب وغيرهم منزوعو الإرادة والمواقف ووجهات النظر المختلفة، فعيونهم ترنو إلى رئيس الكتلة،إذا كان موجودا، مقتفين أثر يده إن كانت ستصوّت أم لا! بنعم ترتفع الأيدي مهللة مكبرة بالإنجاز التأريخي الذي حققه البرلمان، وإذا لا، يتحول المشروع أو القانون المقترح إلى مخالفة دستورية واضحة وانتهاك للسيادة ومؤامرة من دول الجوار!لدينا نائب يثور على اضطهاد في البحرين أو السعودية ولدينا نائب يصحو ضميره على سياط التعذيب في إيران، لكنهما ونمطهما في برلماننا، تغلق أفواههم وتكبل أيديهم و تغفو ضمائرهم لما يجري في العراق من انتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان!هذا غيث من فيض كما يقال، فإذا كان هذا غيث فالله وحده الذي يستر من فيضهم السرّي منه والعلني.. الحقيقة التي تنبثق من غيثهم وفيضهم هي أن مثل هذا الطراز من النوّاب لا يصلحون لتمثيلنا لأننا أساساً لم نخترهم والذي أجلسهم على مقاعدهم قانون ظالم تتمسك به الكتل الحيتانية لأنه في مصلحتهم وفي الضد من مصلحة الشعب!
كتابة على الحيطان: مجلس شعب لا يمثّل الشعب!
نشر في: 18 سبتمبر, 2012: 07:10 م