TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > فيلـــــم "بربريـــــان ســـــاونـــــد ستوديـــــــــو" ..قَدَر صوتي

فيلـــــم "بربريـــــان ســـــاونـــــد ستوديـــــــــو" ..قَدَر صوتي

نشر في: 19 سبتمبر, 2012: 06:42 م

 rnترجمة: عباس المفرجيمع دراما قَدَرية مستوحاة من أفلام الجاللو، حول rnمهندس صوت انكليزي يأتي منفرداً إلى إيطاليا، rnيثبت بيتر سترايكلاند نفسه موهبةً إخراجية بريطانية جادةrn 
 rnقبل ثلاث سنوات، استوقفنا المخرج بيتر سترايكلاند بعمله الأول "كاتالين فارغا"، دراما انتقام مخيفة تدور في ريف وسط أوربا. وكما كان لافتا للنظر، لم يكشف ذلك الفيلم عن أي دليل يشير لهذا الفيلم الاستثنائي الذي تلاه: مميز بكل معنى الكلمة، وغير قابل للتصنيف، وموزيك كونكرَت [موسيقى مبنية على خليط من أصوات مسجلة] كابوسية، مع آثار غريبة الذوق لكوميديا سوداء. انه قَدَري على نحو جاد وجيد على نحو جاد.rnيؤدي توبي جونز دور مهندس صوت هادئ يدعى غيلدروي من مدينة دوركنغ في سبعينيات القرن الماضي:  حصل على وظيفة في ايطاليا في ستوديو ما بعد الإنتاج اسمه بربريان ساوند ستوديو، على عنوان الفيلم. هذه التسهيلات تقع في روما، لكن لا شيء من الضجة التي يثيرها مهوسو السينما المنتشين بتاريخ التشيناتشيتا وما شاكل ذلك. هذا المكان الرخيص، الزري يزود بالموسيقى الالكترونية، مؤثرات الصوت ودبلجة الحوارات أفلاما رخيصة بميزانية واطئة – نوع الجاللو [الأفلام الصفراء (بالايطالية)] الذي أشتهر على يد داريو ارجنتو: جنس، عنف وعبادة الشيطان. مع ممراته الطويلة القذرة، والصرخات المتكررة والمبهمة، يشبه المبنى مصحة نفسية.rnشاعرا بالوحدة، والحنين للوطن، يجد غيلدروي نفسه منشغلا بفيلم رعب يدعى "الدوّامة الفروسية". في الأستوديو نفسه، يقلّد الشباب الضجرون صوت الوحشية البشرية بضرب وطعن الخضراوات، بينما تطلق الشابات صرخات اوبرالية في حجيرة الصوت. يُجابَه غيلدروي بمنتج الفيلم النكِد فرانتشيسكو ( كوسيمو فوسكو ) والمخرج الأنيق الفاسد سانتيني ( انتونيو مانتشينو )، وغيلدروي يربك ويزعج الجميع بانكليزيته الخرقاء وإصراره الأحمق على أن يكون معوّضا عن نفقاته، قضية ستثير في النهاية أسئلة غير متوقعة. لكن كيف حدث أن حصل على وظيفته هناك؟ غيلدروي هو صفقة رابحة بقدرته على ابتكار مؤثرات جديدة، لكن هذا قد لا يكون السبب الوحيد في توظيفه. شيئاً فشيئاً، يصبح مغمورا في الرعب الحسّي المحض للصوت: الصرخات، الصرير، الرّنات والقرقعات، الوخزات الكهربائية المفاجئة، الصمت المغبرّ الذي ينشأ عن خوفه الباطني. على طاولة المكساج، هو في جزء منه كاهن أعلى، وفي الآخر ضحية بشرية في القداس الأسود للإنتاج السينمائي.rnفي "بربريان ساوند ستوديو" شيء من أفلام لينتش وبولانسكي الأولى، والأستوديو القذر، المفعم بالأسارير يشبه قليلا الغرفة المعذبة الواقية في فيلم بأول "بيبنغ توم"، لكن هذا لا يعطي فكرة حقيقية عن الكيفية التي يكون بها هذا الفيلم متفردا بشكل واضح. في الحقيقة، انه مستوحى من عالم الالكترونيات والابتكارات التركيبية ومن الراديوفونيك ووركشوب في البي بي سي في ذروته، وهو قريب روحيا من عمل كافكا "القلعة" أو من التقاليد القوطية لأدب برام ستوكر وآن رادكليف: عالم انكليز ابرياء في الخارج، في مشاهد حسّية، غامضة.rnيرينا سترايكلاند على الشاشة الوحدات الافتتاحية لفيلم " الدوّامة الفروسية "، المصنوعة ببراعة خبير بالطبع، لكن هذا بعيد عن الطريقة الرقيقة الاحتفالية لأفلام كوينتن تارانتينو وروبرت رودريغز. يمكن ان يكون الأمر، إن الذي يشاهد هذا سيتوقع فيلما يحاكي "الدوّامة الفروسية" – لكن ذلك سيكون، كما أعتقد، قراءة مغلوطة للروح المنفصلة، المبعَدَة والباردة التي عولج بها الفيلم هنا. أحداث الفيلم، الذي يعمل غيلدروي عليه، لم تُعرَض على الشاشة أبدا: نحن نرى فقط الخضراوات المهروسة والمقطّعة، رموز العنف، الهزلي والبربري. ما هو أكثر أهمية هنا هو الصوت وكل المعدات السحرية لخلق مؤثرات الصوت والتلاعب بها. يُشرِب سترايكلاند هذا العالم ما قبل الديجتالي بعاطفة وسحر. هذه هو صوت متناظر، صوت يملأ فضاءً في عالم واقعي، مادة تتشكّل مثلها مثل الصبغ أو الحجر أو الرخام.rnفيلم واحد معروض، بغرابة، على الشاشة وذلك هو عمل غيلدروي الأول، الفيلم الذي يعتبره هو تحفته الفنية: فيلم تاريخ طبيعي وثائقي حول مدينة دوركنغ والساوث داونز، ذكي، مفصّل، مشبوب العاطفة إنما مسكِّن. إقحام هذا الفيلم الوثائقي في هذه الدراما الباطنية عن الانهيار العقلي لغيلدروي هو لحظة عظيمة. انه يؤمن بأن هذا العالم سيكون لطيفا ومريحا، والرسائل المثيرة للمشاعر من أمه تثبّته يوميا في هذه الرؤية وفي ازدرائه المتنامي للعالم الذي يجد نفسه الآن فيه. لكن هل من الممكن أن يقول سانتيني و" الدوّامة الفروسية " شيئا أكثر صراحة عن العالم الطبيعي؟ في النهاية، ليس واضحا على الإطلاق إن كان "بربريان ساوند ستوديو" يُفسد غيلدروي أو يكشف له عن قدره الحقيقي المرعب. مع وجه يوحي بالبراءة الملائكية، بقابلية الانجراح والقسوة، يقدّم لنا توبي جونز أداءً هو القمة في مسيرته ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram