TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > المسلسلات التلفزيونية وإعادة كتابة التأريخ ... "عمر" أنموذجا !

المسلسلات التلفزيونية وإعادة كتابة التأريخ ... "عمر" أنموذجا !

نشر في: 19 سبتمبر, 2012: 06:48 م

يوسف أبو الفوز(1 ــ 3)كانت حقيبة شهر رمضان الفنية مليئة بالمسلسلات التأريخية الدينية، وربما أكثر مسلسل  سلطت عليه الأضواء، ولاقى الكثير من المؤيدين والمعارضين ، حيث اعتبر أضخم الانتاجات الدرامية في تاريخ التلفزيون العربي الحديث، كان مسلسل "عمر" الذي تناول سيرة حياة الخليفة الثاني
rn عمر بن الخطاب ( 579 ـ 644 م)، وهو أحد أشهر القادة في التاريخ الإسلامي، المقربين إلى النبي محمد بن عبد الله (571 ـ  632 م ) ، حيث عرف عمر بشخصيته الشديدة والحازمة وميله للعدل بين الناس حتى سميّ "الفاروق"، وتعد فترة خلافته مرحلة انتقال الإسلام من مرحلة الدعوة إلى مرحلة بناء الدولة بما يتطلّبه من مؤسسات إدارية لدولة توسعت في عهده وسيطرت على كامل أراضي الإمبراطورية الفارسية الساسانية وحوالي ثلثيّ أراضي الإمبراطورية البيزنطية ، بحيث شملت كامل العراق ومصر وليبيا والشام وبلاد فارس وخراسان وشرق الأناضول وجنوب أرمينية وسجستان والقدس، أي أن الدولة الإسلامية التي توسعت صارت تشمل أعراقا متنوعة فتطلبت لحكمها حنكة سياسية وإدارية غير عادية، وهذه توفرت عند الصحابي عمر بن الخطاب الذي عرف أيضا بتسامحه مع الأديان الأخرى، وهو إلى جانب كل ذلك شخصية خلافية ما بين العديد من المذاهب الإسلامية، خصوصا ما بين الشيعة والسنة، وهذا ما سيلقي بالضرورة بظلاله على أي عمل أدبي أو فني يتناول هذه الشخصية، ويجعل قضية قراءة التأريخ هنا وكتابته تخضع للعديد من العوامل المتباينة. مسلسل "عمر" إنتاج مشترك لتلفزيون قطر ومجموعة ام بي سي، التي يملكها الشيخ السعودي وليد آل إبراهيم (أخته أرملة الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود)، استغرق تصوير العمل بأكمله 170 يوما، ذهب 50 منها لتصوير المعارك، وبلغ عدد القائمين عليه 30 ألفا بيـن ممثلين وفنيين (موقع ويكيبيديا) ، وبميزانية بلغت 200 مليون ريال سعودي، وعرض خلال شهر رمضان على أكثر من فضائية عربية خليجية، وجاء بواحد وثلاثين حلقة، مدة الواحدة منها خمس وأربعون دقيقة ، واللافت أن المسلسل سجل سابقة بعرض أسماء المؤلف والمخرج والفنيين في أول تايتل المسلسل، وترك عرض أسماء كل الممثلين الى التايتل في نهاية المسلسل. ومسلسل "عمر" من تأليف الكاتب الفلسطيني ـ الأردني الدكتور وليد سيف (مواليد 1948م) الذي عرف بكتابته للعديد من المسلسلات التأريخية التي لاقت رواجا وإقبالا من المشاهدين، ولفت الأنظار إليه بثلاثيته الأندلسية ومسلسل صلاح الدين الأيوبي وأعمال اخرى ، وهو من إخراج الفنان السوري حاتم علي (مواليد 1962م) الذي يزدحم سجله بإخراج العديد من المسلسلات الناجحة وبينها عدد غير قليل من المسلسلات التاريخية من تأليف وليد سيف الذي شكل معه فريق عمل أنجزا معا خلال فترة قصيرة العديد من الأعمال التي لاقت رواجا وإقبالا وعرضت على معظم الفضائيات العربية، وقد نال حاتم علي العديد من الجوائز التقديرية مما جعله واحدا من أشهر واهم المخرجين في المنطقة ، وقد عرف بمواقفه الليبرالية تجاه العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية . شخصيا لا اخفي كوني من المعجبين بالعديد من الأعمال السابقة التي أخرجها الفنان حاتم علي ، ولم أتوقف ـ وما أزال ـ عن دعوة الكثير من أصدقائي لمتابعة مسلسل "أحلام كبيرة" الذي قدمه عام 2004 وهو من تأليف الكاتبة الفلسطينية ـ السورية ريم حنا (مواليد 1946) ،هذا المسلسل يعتبر عندي واحدا من أفضل المسلسلات العربية التي ألقت الضوء على واقع المجتمعات العربية وهموم الإنسان البسيط ، حيث تناول بشكل بارع تهميش التكنوقراط وتذبذب وضياع المثقفين وصعود الفئات الطفيلية لتستحوذ على كل شيء . في مسلسل "أحلام كبيرة" ، ومسلسلات اجتماعية أخرى ، لجأ حاتم علي إلى الاقتراب كثيرا من واقع الناس وهمومهم منحازا لهم وبروح تنويرية ، فكان طبيعيا أن ترى انه وعند الانتقال من مشهد إلى مشهد يعرض لنا لقطات واقعية خاطفة ذات روح وثائقية لحياة الناس وهم يمارسون تفاصيل حياتهم اليومية . امتلك حاتم علي خبرة كبيرة في إخراج المسلسلات التاريخية التي علمته أن يقود باحتراف ونجاح المجاميع الكبيرة من الممثلين والكومبارس والتفنن في إخراج المعارك وخبرة في عكس أجواء تاريخية تنقل المشاهد الى أيام سحيقة في التاريخ من خلال الاهتمام باختيار اماكن التصوير والديكورات والاكسوارات والملابس واهم التفاصيل الصغيرة لتعكس الفترة الزمنية التي يحكي عنها المسلسل ، لكن حاتم علي ومنذ أن انتقل لإخراج مسلسلات برأسمال خليجي، حيث اخرج المسلسل البدوي "صراع على الرمال" عام 2008، لم نعد نرى كثيرا لمسات المخرج الذي عرفناه وأعجبنا به، ويبدو أن قاعدة "من يدفع هو الذي يقرر" هي التي صارت تتحكم ببعض أعماله ، فصارت قراءاته للتاريخ وللوقائع تخلو من لمساته الفكرية وإبداعاته الإخراجية، وصار مثل أي مخرج منفذ محترف يوظف قدراته الفنية البارعة في تقديم ما يريده المنتج وينقل لنا رؤية وأفكار  الممول ، وقد لمست للأسف شيئا من هذا بشكل واضح في مسلسل "عمر" إنتاج 2012، الذي وظف فيه حاتم علي كل إمكاناته الإخراجية ليقدم وجهات نظ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram