TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث:(المدى ) قلعة حرية

في الحدث:(المدى ) قلعة حرية

نشر في: 19 سبتمبر, 2012: 07:48 م

 حازم مبيضين إن صحت الأنباء عن مخططات حكومية, لمداهمة مكاتب المدى في بغداد, وهي في الأغلب صحيحة, فإن العملية ستكون ذروة التعدي على الحريات وانتهاك الدستور الذي يضمنها, وذروة التمسك بفكرة الخضوع, المطلوب من المواطنين لولي الأمر, بما يمثله ذلك من استخفاف بمدارك الناس, وتعظيم لفكر حكامهم, الذين يزعمون أنهم يستمدون سلطتهم من الله, وبما يستوجب الخشوع والرضى والتسليم, وتلك أمور لا أظن أن واحداً من العاملين في المدى,
rn والمؤمنين بدورها الوطني الذي بات ضرورياً وملحاً يمكنه القبول بها أو المساومة عليها أو حتى مجرد التفكير بها.rnالمدى كما نعرفها عصية على الاستقطاب, كما هي عصية على أن تكون غير صوت الوطن والمواطن, والذين يسعون لتذليلها لمآربهم البعيدة عن ذلك يحرثون في الماء, ومنهم للأسف نواب عن الشعب العراقي ينطقون باسم قيادته الملهمة, بما يعيدنا لتاريخهم الذي كانوا فيه بيادق لصدام حسين وطموحاته القومية, قبل أن يتحولوا إلى أبواق طائفية تتغنى بمحاسن حزب الدعوة.rnهل نحن أمام استهداف للحرية والثقافة معاً, فعناوين الغزوات مؤخراً تشير إلى ذلك, وكان آخرها شارع المتنبي, الذي ظل حتى أيام الدكتاتورية متنفساً للمثقفين, وعنواناً يقصده كل الباحثين عن الحقيقة, ويمكن النظر بالتأكيد إلى استهدافه بالطريقة الهمجية التي تمت إنذاراً لكل مؤمن بالحرية والثقافة أن ليس لدى حكام بغداد أي محرمات تردعهم عن استخراج عظام المتنبي وتحويلها إلى نكاشات أسنان.rnقبله جرى التخطيط بليل لمحو الصفات الملازمة لشارع أبو نواس, وهو من أبرز ما كان يميز بغداد, ويمنحها ألقاً يمتد عبر التاريخ, يؤكد فرادتها بين المدن, واحتفالها بالحرية حتى وإن تخطت بعض الحدود, ولست أظن أن مثقفاً عربياً زار عاصمة الرشيد ولم يعرج على المتنبي وأبو نواس ليلقي عليهما التحية والسلام.rnقبل ذلك كان استهداف " الأصنام " في حرم كلية الفنون, في غزوة مماثلة لما اقترفته حركة طالبان, المنتمية إلى فكر القاعدة, ضد التماثيل التاريخية في باميان, وإذا كنا بصدد تعداد التعديات على الحريات والثقافة فإن القائمة تطول, ابتداءً من استذكار من شغل منصب  وزير الثقافة, وليس انتهاءً بالغزوة المحتملة للمدى.rnقد تنجح الحكومة بمخططها التحرش بالمدى, بطريقة مغايرة لما اعتادته من تحرشات, لكن عليها حساب ردات الفعل على جريمة من هذا القبيل, ولعل النائب علي الشلاه هو المعني بهذا الحساب, إن لم يكن دفن تاريخه تحت ركام الانتماء الطائفي, أو المصلحي, أو الدعوي " نسبة إلى حزب الدعوة ".rnستظل المدى عصية على الترهيب, وهي التي نجحت في تخطي بطش الدكتاتورية, أيام كان الكثيرون يخافون إن راودهم حلم بزوالها, فقد ظلت حتى في منافيها ترفع راية الحرية والحق وتدافع عنهما, لم يثنها عن ذلك رصاص كواتم الصوت, ولا الترغيب, ولا حتى استعداء أنظمة ضدها, من تلك التي كانت تتحاشى أي صدام مع نظام البعث, ظلت منذ لحظة ولادتها قلعة للحرية, وستظل تمارس هذا الدور كلما برز في ساحة العراق طموح دكتاتوري.rn

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram