د.امل بورترالبيت  الأزرق احتوى الكثير،فيه احتضن الحاضر الماضي واختلطت الألوان وأثمرت نتاجات  تشكيلية مليئة بالنشوة والغيرة وتزاوجت الفرحة والمسرة بالألم والحب، وفيه اقترن الفن بالحياة والصراعات الفردية و الوطنية، وتحت سقفه امتزجت السياسة بالشعر والأدب والفن ، ولو تكلمت جدرانه لقالت لنا عن العذابات الملهمة، من نوافذه نستطيع أن ننفذ إلى أعماق وجدان من سكنه وزاره وتنسم عبير أجوائه، وعبر بوابته المشرعة أبدا والفاتحة ذراعيها بمودة  لتسجل الخطى التي عبرت عتبته ،لتتلقف الأصوات التي مرت من هنا وأبدعت وأنتجت وشاركت وضحت واعترضت ورفضت .
في حديقته بُني ركنٌ على شَـكل هرم صُفت على جوانبه رموز حضارات أفلت ولكنها مازالت توحي بالكثير وتتحدث عن عبق حضارات ومسيرات مشبعة  بالهم والدم ، هناك  تغرد الطيور وتمرح الببغاوات وتسرح القردة مع حيوانات  أخرى ألفت المكان والجو والصحبة، تتنعم مع أصحاب البيت الأزرق وضيوفه بمنظر الزهور المتعددة الأصناف والأنواع وهي تتبرعم وتزهر وتذوي ثم تعود لتزهر مجدداً موحية بموضوع إنشائي تشكيلي يستحق التخليد. بين جدران البيت الأزرق 28 ألف وثيقة، تقول لنا ما دار بين جدرانه وتحت سقفه ،وتحدثنا عن طموحات وصراعات للمداومة على البقاء والاستمرار بالحياة والإبداع والعطاء. وفيه ما يزيد عن خمسه آلاف وثمانمئة صورة التقطت لتبقى ذكرى ترصد لحظات حرجة ، شجاعة، أليمة أو فرحة لمشاركات كانت تحرك الشارع وتلهم وتنير الأفكار، أو تتحدث عن نشوة وسعادة واحتفالات. احتوى البيت الأزرق على نتاجات تشكيلية متنوعة ما زالت تثير الإعجاب وتدعو إلى الدهشة والانبهار، فيها سجلت ووثقت مسارات ومدارس فنية ظهرت حديثا وما تجذر في الذاكرة أو في الذائقة السائدة، أو في خبايا الوعي أو اللاوعي للمتلقي والمنتج على السواء،  وكذلك الوثائق تلك تؤكد عمق ما دار من نقاشات حادة مثيرة توضح بشكل جريء وعلني ومفعم بالحماس والقبول أو الرفض لنتاجات الكثير  من الفنون التشكيلية ومن أنتجها ممن ثمنوا الحياة والحضارات والإنسان.                                            أصداء أصوات وضوضاء  وضجيج نقاشات تدور في أرجاء البيت، تطرح أسماء ومسميات متناقضة متجانسة تنفر  أو  تتماهى في ما بينها خلال لقاءات  ونقاشات وحوارات عديدة في أوقات متباينة وسنوات قريبة أو متباعدة  منها  أندري بيرتون ،تروتكسي،نيكولاس موراي ،تينا مودتي زاباتا ،الثورة المكسيكية، أمريكا شركة سيارات فورد ،دييغو رفيرا ، بول كلي، مجسمات جوداس الورقية  والمفرقعات النارية,والهياكل العظمية، ماو تسي تونج الواقعية الاشتراكية، الحضارة المكسيكية  فرويد،والجداريات المكسيكية، ما قبل الكولمبية، السوريالية نيويورك، مهرجان يوم  الأموات، الفاشية، آلهة المايا والازتيك الحضارة ما قبل الكولومبية الرأسمالية، يوم السلام العالمي، مركز روكلفر ، الكاثوليكية متحف الفن الحديث نيويورك، الشيوعية،دادا،  مؤسسة كوكنهايم، ماري رينولدز ، باريس ، سان فرنسيسكو،الانطباعية،بوسطن معارض دولية والكثير الكثير غيرها ، كلها احتوتها وسمعتها جدران وغرف وأثاث البيت الأزرق.  لُونت أطر نوافذ البيت الأزرق باللون الوردي أو الأحمر وأرضيه فسحاته باللون البرتقالي وجدرانه باللون الأزرق بأعمدة حمراء براقة وأسيجة الحدائق والمساحات  باللونين الأصفر والأخضر .في هذا البيت ، ولدت وماتت فريدا كاهلو الفنانة المكسيكية وفيه عانت وانتشت وتألمت، هجرته مرات وعادت إليه واستقرت به أخيرا، وفيه أبدعت ورسمت بشكل جعلت من الحركة السوريالية أن تعتبر نتاجات فريدا من أهم ما أنتج ضمن مدرسة الفن السوريالي التي أخذت أوروبا بعاصفة من الحداثة في الشعر والأدب والرسم،  في حين أن فريدا كتبت عنهم قائلة:( السورياليون يثيرون  في ّالغثيان..... إنهم مثقفون إلا أنهم فاسدون..... أتقيأ منهم، كان علي أن آتي إلى باريس  لأطلع على درجة العفن التي وصلت إليه أوروبا ....و خلال هذه العفونة ازدهرت النازية والعنصرية والفاشية. أقسم بأنني سأبقى اكره هؤلاء حتى الموت... لم يصفوني بالسوريالية أنا أر سم واقعي الذي أعيشه لا الخيال)                                                        &am