احمد المهناالعروس أميركية من اصل ايراني. والعريس بريطاني من أصل عراقي. وكلاهما يعمل في فرع شركة بالامارات كان قد أسسها رجل أهدى العالم المصباح الكهربائي، وكان قد ولد في هذه الولاية، أوهايو، التي نحتفل فيها اليوم بعرس سَتاريْه وابني زيد. هما اذن يرتبطان بخمس دول تنتمي الى ثلاث قارات. وقبل هذا كان زيد قد تنقل في طفولته بين دمشق، التي ولد فيها، ثم قبرص محطته التالية، ومنها الى لندن التي وصلها في السابعة وأكمل تعليمه فيها.
rnولندن كانت قد صححت فكرة خاطئة عندنا عن زيد منذ أيامه الأولى. فبعد ولادته بأيام، داعبته شابة سورية آملة أن تستخرج منه ابتسامة ولم يستجب، فقالت ان ابنكم لا يضحك للخبز الحار. ومنذ ذلك الوقت تعاملتُ مع "الأستاذ" زيد بوصفه كائنا جادا. ولكن ذات يوم جاءتنا من مدرسته "المتوسطة" شهادة بعلاماته في الدروس، وملاحظات عن شخصيته، بينها واحدة تقول انه يتمتع بروح الدعابة!rn"وين ضامها ابني"؟هل كنت تخفي عنا تلك الروح أم ان ظروف الحياة كانت تشغلنا عن التعرف عليك كما يجب؟ ومن يومها بدأنا، أنا وأنت، حفلات مرح صوتية صاخبة، كنا نُخرج فيها أحيانا والدتك، كفاية، عن طورها. فزيد اذن يضحك للخبز الحار، وأحيانا يكون هو الخبز الحار الذي يبهج الناس.rnان ابناءنا هؤلاء بشرى بعالم أفضل، قريب من بعضه، وصغير الى حد لا نستطيع أن نفهمه نحن جيل الآباء. وهم ناجحون وطيبون. ولكم يسعدوننا بذلك، ويشعرونننا بالفخر. ولكن يعز علينا أنهم يستطيعون خدمة كل بقاع العالم الا البلدين اللذين تحدر منهما الآباء. وهما بلدان جاران لهما ماض مجيد وحاضر بائس. والمشكلة في كليهما أن الانسان لا يستطيع أن يكون نفسه فيهما، أي لا يستطيع أن يكون حرا.rnولكن أنتما يا زيد ويا سَتاريْه والآلاف من أمثالكما، بشرى مستقبل أفضل لبلاد آبائكما. وأنتما لا تنسيان أصولكما، مثلما لا ينسى كل أميركي من أين جاء أهله. وعندما تتاح لكما الفرصة، لن تقصرا، بالتأكيد، في خدمة العراق او ايران، وأكثر مما تفعلان في أي مكان آخر. ولذلك فان زواجكما ينبغي أن يكون "مؤبدا"، وأن يصير الأمن بينكما وطيدا، والحب دائما، لأنكما بخلاف ذلك قد تغذيان احتمال نشوب حرب عراقية ايرانية جديدة، وتهددان بذلك السلام العالمي مرة أخرى!rnوهذه مسؤولية خطيرة يا سَتاريْه ويا زيد! انكما لا تمثلان شخصيكما فقط!rnوعهدي بك يا زيد أنك ستكون على مستوى هذه المسؤولية. فقد ولدت عطوفا. وأتذكر أنك كنت في عمر الثالثة في نيقوسيا، عاصمة قبرص، عندما دعونا صديقة محبة لأكل "الحرش" على الغداء. وبدأت أمك في تنظيف "الحرش" الذي كنت تراه لأول مرة. وظننتَ أن أمك تقوم بتحميم السمكات الصغيرات الجميلات. وكنت مستمتعا بفتنتها. ولكن ما أن وضعت كفاية الوجبة الأولى على الزيت الحامي في الطاوة، حتى ألقيت جسمك ارضا وانت تبكي وتصرخ: ليش، ليش!rnوبالكاد هدأناك، وتغدت الضيفة بالسمكات في غفلة منك. ومن أجل تسكين دموع زيد، وتجنبا لصراخ يصم آذانك، حذار يا سَتاريْه من اللعب بالزيت الحامي مع الأسماك الصغيرة!rn لقد جعلتما منا، مسعود وأنا، فلور وكفاية، عائلة واحدة، وهذه العائلة في طريقها الى التوسع، والتحول الى امبريالية، مع أولادكما. ونحن متلهفون اليهم، لأن مجاعة اللعب عند الآباء، بعد مسيرة جد طويلة، لا يشبعها الا الأحفاد. أطيب التهاني والأماني زيد وستاريه!rn
أحاديث شفوية :بالرفاء والبنين
نشر في: 21 سبتمبر, 2012: 09:46 م