ياسين طه حافظ(2-1)يمكن أن نسأل: هل اللغة المشتركة تزيد من "فعالية" النص الشعري ام اللغة الاستعارية؟ هذا السؤال يرتضي الجوابين. يقبل بالأول، اللغة المشتركة، لأنه يحرك القارئ جراء فهمه ثم تفاعله. والثاني صحيح أيضا، لان اللغة الاستعارية قد تزيد من حيوية النص. الاعتراض على اللغة الاستعارية
rn أنها في أحوال كثيرة تحرك النص في اتجاهات تبدو "انفصالية" وتفتقد الشراكة مع القارئ؛ بخاصة القارئ العام أو القارئ العادي. ومثل هذا السؤال يرد عن الصورة وإثارة فعل النص. هل الصورة المحلية، المرئية، المعروفة لدى القارئ أم الصورة المتخيلة، أو الأجنبية، وهي متخيلة أيضا بالنسبة لنا، هي الأكثر فعلا؟rnمرة أورد الأستاذ دبليو هجنكز W. Huchiugs مسألة: لكي تميز أحدا، هيّئ نفسك لحقيقتين أساسيتين، وهما وان كانا، ربما، واضحتين جدا، يجب الاحتفاظ بهما في الذهن. الأولى هي أن النقد، مثل الفن، لا ينجو من تأثراته بـ الطراز Fashion فثياب جيل قد تكون مضحكة لجيل آخر. الثانية ان الناقد صاحب الشأن هو الذي يأخذ عينة قديمة يضفي عليها ضوءا جديدا فيجعلنا نراها في صورة مختلفة (Cnitical Quarterly Vol 20vo3 page24).rnهذا مفتتح يساعدنا على إجابة تساؤلات أخرى مقاربة أو متفرعة من تلك التساؤلات: هل ما يجعل النص أكثر فعلا هو الابتعاد عن العصر وإشكالاته ام الالتحام به؟ ستقول الالتحام به. وانأ معك، لكن أي عصر؟ عصر العالم الذين نقرأ كتبهم ونصوصهم؟ هذا ليس عصرنا واقعا، هو عصر وجود وأمنية. العصر المنتمي للواقع اليومي، المعاصر له هو عصرنا البعيد حضارياً عن هذا وأما الابتعاد، وهو الجواب الآخر، فليس أمامك إلا التاريخ والمطلق. وهذان ليسا ميدانين دائمين للكتابة الإبداعية. لا يمكن أن يكتب الجميع إبداعاً في التاريخ والمطلق.rnإذن حياتنا الواقعية، عصرنا المحلي، هو من نغترف منه حقائقنا وجمالاتنا ومنه الصور التي تحتفي بها أشعارنا والأجواء. وان الصور التي ترد بلغة الرمزيين الفرنسيين، مثلا، أو مزيج السريالية والاستعارية، كما هو الحال في شعر الكثيرين منا اليوم، هي صور قد نستحسن لفظية التعبير فيها أو جماليته ولكنها لا تكون فاعلة في نصوصنا دائما لافتقادها الحميمية... ما الذي يدعونا إليها إذن؟rnما يدعونا هو الاقتراب من الشعر العالمي (والمقصود هنا الشعر الأفضل تقنية ومضمونا إنسانيا...) ومسعانا لان نكون بحداثتهم. وهذا مسعى طيب، لكن الحداثة وقيمة الشعر ليستا لفظتين، ليستا صفتين بغير مقومات. وأن يكون الشعر عالميا، متقدما تقنية ومضمونا، لا يعني الابتعاد عن المحلية روحا أو إرثا فنيا. على العكس، قد ينهض بهما!rn"الشعر العالمي"، كما يسمى، تيار في الثقافة الإنسانية الواسعة التي تتدفق عبر القارات كلها. وهي تمر بقارتنا ومنطقتنا منها. مهمتنا ليست الإفادة القصوى من منجزها حسب، ولكن مهمتنا أيضا رفدها بما عندنا من مادة حية، جميلة أو مؤثرة. لنسهم في إغناء هذا التيار، لا أن نظل مقلدين للنماذج التي نرى وإلا فسنظل أتباعا. فهم في جديدهم متقدمون علينا ونحن بعملنا ذلك نقلدهم. هذا خطأ ثقافي وخطأ فني، كما سنرى، وخطأ أخلاقي آخر أن نكون استهلاكيين، ومزورين! لنا قدراتنا لانتاج ما يمكن جدا أن ينسجم والتيار الكبير المار بنا. ارثنا ليس سيئا وليس هو غير مؤثر وليس بلا قيم فنية خاصة. هم وجدوا في شعرنا الجاهلي جماليات وأفكارا وفي شعرنا اليوم امتيازنا المحلي الذي يمكن أن يدخل في تكوين الفيض العالمي. لا يزهدن احد بما يملك وما ورث ولا يزهد بوهجه الروحي ولا بطاقته الإبداعية. ليسوا دائما أذكى منا ولا حساسيتنا الشعرية اقل ولا مخيلتنا قاصرة وليست بيئتنا قفرا...rnنحن نقرأ الشعر الانجليزي، نجد فيه السكوتلندي والويلزي والايرلندي وليس صعبا تمييز مذاقه أو طبيعة مادته. وعلى نطاق البلدان، واضح الشعر الفرنسي والاسباني والأمريكي اللاتيني والصيني والإفريقي. وقبل هذا معروف أن القسم الأعظم من ثراء الرواية الروسية في القرن التاسع عشر، هو وصف الطبيعة والأكواخ في الغابات والصيادين والعربات عبر الغابات والسهول. ومعها هذه الشخصيات الروسية المتميزة بقواها الشخصية وأمزجتها. فإذا وصلنا العصر، نلتقي بجميس جوليس وهذا الخصب في التفاصيل الإنسانية بخاصة في "اهل دبلن" The Dubliners نحن أيضاً، يمكن أن يكون لشعرنا الحديث ما يشير للبيئة والطبيعة المنتجة له وهو يتداخل حديثاً مع الشعر في العالم. لنا بيئتنا، لنا ارثنا الاجتماعي وواقعنا ولنا حساسيتنا شديدة الرهافة وقوانا الإبداعية. rnإن محليتنا غنية بما يميزها ويمكن أن يغتني بها شعرنا فيمتلك مذاقه الخاص صوراً وانفعالا خاصين وبمستوى يرضي فن العصر وستنسجم قصيدتنا مع الشعرية العالمية بخصوصية واضحة ما دمنا نمتلك كل الأساليب القديمة والحديثة، ويمكن أن نبتدع تقنيات مضافة. rnهذا يعني إمكان الإفادة من مدّخراتنا الوطنية ارثا، طبيعة، واقعا وشخوصا، لإضافة جديد على ما يعرفه العالم. الزهد بما نمتلك خطأ. أفقر بيئة يمكن أن تمنح شعرا جيدا. شيموس هيني مثال آخر: القش والاصطبل والخادم ومحطة القطار الايرلندية صنعت السّ
المحلي الذي يتقدم للعالم
نشر في: 22 سبتمبر, 2012: 07:05 م