د. ماجد الصوري لقد أثار قانون البنى التحتية ضجة إعلامية كبيرة تحدث فيها نواب وسياسيون ومسؤولون في أجهزة الدولة ومتخصصون بالشؤون الاقتصادية والسياسية، وللأسف الشديد أن اغلب النقاشات الدائرة لا تصيب جوهر الموضوع، وخالية من النظرة إلى الوضع الاقتصادي الشامل، وتتحدث عن الدوافع السياسية، انطلاقا من مصالح شخصية وفئوية ونزاعات بين الكتل السياسية، بين التأييد والتسقيط. لا شك أن موضوع البنى التحتية في العراق هو أساس مهم للتنمية الاقتصادية
rnوالبشرية والاجتماعية. وقد تم طرح القانون وطريقة تنفيذه بشكل مبالغ فيه، يقترب من المثالية، وعلى انه المفتاح السحري لحل جميع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، ومشكلة الفساد الإداري والمالي، ومشكلة الخدمات التي تقدم إلى المواطن، والى القطاعات الاقتصادية المختلفة، الإنتاجية والخدمية ، وتم نسيان جميع الوعود السابقة، التي أطلقت سابقا في الاجتماعات والتصريحات العلنية، حول حل مشكلة الكهرباء ومحاربة الفساد وغيرها من المشاكل الأخرى التي يعاني منها الاقتصاد العراقي.rnلقد أكد تقرير ديوان الرقابة المالية أن هناك فائضا متراكما لغاية نهاية عام 2009 بحدود 50 مليار دولار، ومن المعلوم أن قانون الإدارة المالية والدين العام، لا يسمحان بتدوير المبالغ التي لم تنفق في السنة المالية المحددة في الموازنة إلى السنة التي تليها. ومن الملاحظ أن هذه الفوائض تشمل النفقات التشغيلية والاستثمارية. وقد صدرت قوانين الموازنة العامة للدولة للأعوام 2010 – 2012 بإمكانية تدوير جزء من النفقات الاستثمارية إلى الموازنات اللاحقة، إلا انه لا توجد أية إشارة الى حجم هذه المبالغ أو المشاريع التي تم تدويرها في أي موازنة من الموازنات اللاحقة المقرة من مجلس النواب. فهل تم فعلا إنفاق هذه المبالغ على نفس المشاريع؟ وهل تم التحقيق في أسباب تخلف هذه المشاريع عن الانجاز من الناحية المادية والمالية؟ ولو نظرنا إلى موازنة عام 2011 فان حجم المبالغ المتسلمة من واردات النفط فقط قد بلغت 83 مليار دولار، عدا الموارد الأخرى المتسلمة عن طريق الضرائب والرسوم وبيع الموجودات غير المالية، وواردات القطاع العام والمنح، التي بلغت توقعاتها بحدود 4.5 مليار دولار ، مع العلم أن كل جانب الإنفاق في نفس الموازنة لا يتجاوز 80.5 مليار دولار، أي أن هناك فائضا بحدود 7 مليارات دولار حتى لو تم تنفيذ الموازنة الانفاقية بكامل بنودها بما في ذلك البنود المتوقع تغطيتها عن طريق العجز المخطط. كل هذا يدلل على أن هناك فوائض مهمة في الميزانيات الفعلية للدولة العراقية، ولذلك لا بد من تحقيق مبدأ الشفافية والإفصاح، من اجل معرفة القاعدة المالية التي يقف عليها العراق، ومعرفة حجم الأموال الفائضة التي لم تنفق، قبل اتخاذ القرار في اللجوء الى الاقتراض من الشركات من اجل تنفيذ قانون البنى التحتية. إضافة الى وجود استخدام غير قانوني لأموال العراق فحسب تقرير ديوان الرقابة المالية هناك حوالي 6.5 مليار دولار سحبتها الحكومة حتى عام 2009 دون وجود تخصيصات مقابلة في الموازنات المذكورة. بالرغم من وجود مبالغ طائلة في كل موازنة مخصصة للنفقات الطارئة. وهل ننسى الأموال التي انفقت على الكهرباء والتي بلغت 37 مليار دولار، منها 21 ملياراً الى الاستثمار في هذا المجال، والتي كان من المفروض ان ترفع القدرة الإنتاجية بمقدار 21 إلى 25 الف ميكا واط، إضافة الى القدرة الإنتاجية التي ورثناها والبالغة 5.5 الف ميكا واط. فهل سيقوم البرلمان بإقرار قانون البنى التحتية، دون معرفة الاموال المتوفرة والقاعدة المالية التي يقف عليها العراق وتحديد كيفية التصرف بها، والى متى يقف البرلمان عاجزا عن تطبيق مبدأ الشفافية والإفصاح في موازنات العراق منذ دورته الأولى وحتى الآن؟ rnبالتأكيد ان الكثير من الدول قد تلجأ الى الاقتراض الداخلي والخارجي من اجل تنفيذ الخطط الاقتصادية. فقد بلغت قروض الصين الداخلية وحدها اكثر من 1,2 تريليون دولار حتى نهاية النصف الاول من عام 2012، ولكن من جملة ما حققته من ذلك نموا كبيرا في الناتج المحلي الإجمالي، بحيث استطاعت ان تحول اقتصادها من اقتصاد متخلف الى ثاني اقتصاد في العالم سابقة بذلك دول أوروبا واليابان. كل ذلك تحقق بوجود إرادة سياسية واضحة، وضمن رؤى وإستراتيجية واضحة، وخطط طويلة ومتوسطة وقصيرة، يجري تنفيذها بشكل دقيق، قابلة للرقابة والمحاسبة، ومرتبطة بأهداف ونتائج مادية ومالية وبشرية، في فترة زمنية محددة، بحيث استطاعت ان تغزو العالم بسلعها وشركاتها وأموالها ، خدمة لاقتصادها، فأين العراق من ذلك؟rnإن قانون البنى التحتية لا يعني سوى تفويض الحكومة بالتعاقد على صرف مبالغ في البداية كانت 37 مليار دولار، وارتفعت إلى 40 ملياراً ثم إلى 42 مليار دولار، لمشاريع لم يتم تحديدها بشكل دقيق، ودون تقديم أي دراسات جدوى عنها، لا من ناحية علاقتها بالاقتصاد الوطني، ولا من حيث تأثيرها على الالتزامات المالية المستقبلية للدولة. لا أريد هنا أن أتكلم عن التصريحات الرنانة، غير المنطقية، التي تتكلم عن الاتفاق مع شركات صينية رصينة لبناء 2 مليون وحدة سكنية خلال فترة 6 أشهر وبالمبلغ المحدد في القانون المقترح.rnلقد بلغت ديون العراق الخارجية الموروثة بعد تخفيضها حسب القرارات والاتفاقيات الدولية والخاصة حوالي 13.4 مليار دولار. وبلغت القروض الداخ
قانون البنى التحتية بين السياسة والاقتصاد
نشر في: 22 سبتمبر, 2012: 07:50 م