حازم مبيضين أحاول منذ يومين تفهم مقولة رئيس الوزراء نوري المالكي, بأن الطائفية في العراق سقطت بعد النجاح في محاصرتها, لكنني أجد نفسي محاصراً بالكثير من الأسئلة التي أعرف إجاباتها, إذ كيف يمكن تصديق السيد المالكي, ونحن لم نعد نتعرف على الكثير من أصدقائنا الشيوعيين, الذين عرفناهم في مرحلة مناهضتهم لصدام حسين وفكرة البعث, إلا باعتبارهم اليوم إما شيعة ملتزمون بطائفتهم, أو سنة وصل الحال ببعضهم حد الانضواء تحت عباءة الشيخ حارث الضاري, قبل أن تنحسر عنه الأضواء.
rnكيف والمحاصصة على أسس طائفية هي السياسة الرسمية للدولة, وهي مكرسة في الدستور, وتنسحب على كل المؤسسات, ابتداءً بأصغر بلدية في أقاصي العراق, وصولاً إلى مجلس النواب, وموقعي رئاسة الوزراء والجمهورية, ولا تتوقف عند المؤسسات المستقلة, كمفوضية الانتخابات أو النزاهة, وليس مهماً التوقف عند إعلام الدولة, الذي تحول إلى موظف صغير في مكتب رئيس الوزراء, أو المجاهرة بأن مصلحة الطائفة, أياً تكن, مقدمة على مصلحة الدولة والناس.rnكيف والسياسة الخارجية للعراق مرهونة عند الحلفاء الطائفيين, حتى وإن كانت تضر العراقيين, فالدعم الذي تقدمه الحكومة الحالية للنظام السوري البعثي العلماني, كما ينبغي التذكير, يتم فقط إرضاءً لطهران, وبؤرة النور الحقيقية والمطمئنة هنا, هي موقف المرجع السيد السيستاني, الذي يدعو العراقيين لاستقبال اللاجئين السوريين, الفارين من موجة العنف والإرهاب التي تجتاح وطنهم, وغني عن القول إن معظم, إن لم نقل جميع هؤلاء ينتمون إلى الطائفة السنية.rnكيف والعلاقات مع السعودية ودول الخليج وتركيا, تنبني أو تهدم على أساس الانتماء الطائفي للحاكم في بغداد, في حين يقول المنطق, إن على العراق اليوم بناء علاقات طيبة ومنتجة مع دول الجوار كافة, حفاظاً على مصالح مواطنيه جميعاً, خصوصاً في مرحلته الانتقالية, بعد إطاحة صدام حسين, الذي نجح في خلق حالة عداء مع كل دول جوار العراق, باستثناء الأردن, الذي لم يكن يجرؤ على إعلان التناقض مع سياسات جاره القوي والشرس والعدائي.rnكيف والحكومة المركزية لاتعلن رفضاً حقيقياً, عند الحديث عن إمكانية إعلان إقليم فدرالي في جنوب البلاد, " صبغته بالطبع طائفية ", وتأخذها العزة بالاثم دفاعاً عن وحدة التراب العراقي, حين يفكر آخرون بذلك لشعورهم بالغبن, كيف والسيد المالكي يعترف بأن كل ما يجري في بلاده يستند لأساس طائفي, ولو كان ذلك بسبب الامتداد الخارجي للطوائف.rnكيف نصدق السيد المالكي, بينما برزت في العراق كل مساوئ الطائفية بعد سقوط صدام, وللتذكير فإن كل الاشتباكات العسكرية بين أبناء العراق تمت على أسس طائفية, وكل التفجيرت الإرهابية حملت ذلك الطابع البغيض, وكيف نصدق أنه حاصرها, بينما هو يحكم باسمها, ولا يقترب من جنة الحكم غير من ينتمي لطائفة السيد الرئيس, الذي يمتلك من الصلاحيات ما لايمتلكه الأباطرة وورثة العروش, حتى لانقول الحكام الدكتاتوريين.rnبالتأكيد فإن ما ينطبق على السيد المالكي, ينطبق أيضاً على كل ساسة العراق الجدد, إلا من رحم ربي, فهم وصلوا إلى مواقعهم على أسس المحاصصة الطائفية, فباتوا من أشد المنافحين عنها, والداعين لاستمرارها وتقوية دعائمها, وليس هذا عذراً لمن يتولى موقع المسؤولية الأول في البلاد, مع ما ينتظر منه أن يكون مكرساً لكل العراقيين, حتى من يعارضونه منهم, هذا إن كان يفكر بعقلية رجل الدولة, بدل التقوقع في بؤرة الزعيم الطائفي. rnأتمنى لو كنت قادراً على تصديق أن الطائفية في العراق انتهت بعد محاصرتها, لكن الواقع يؤكد أن الوطنية العراقية هي التي تعاني اليوم من الحصار, والخوف أن يؤدي ذلك إلى اندثارها.rnrn
في الحدث:هل سقطت الطائفية في العراق؟
نشر في: 22 سبتمبر, 2012: 08:05 م