TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :الدنيا ما زالت بخير

سلاما ياعراق :الدنيا ما زالت بخير

نشر في: 22 سبتمبر, 2012: 08:08 م

 هاشم العقابيلانتشار شبكات التواصل الاجتماعي نعمة، كما العافية والأمان، لا يشعر بها الإنسان إلا إذا فقدها. وهكذا أجد نفسي حين تفرض علي ظروف معينة، كالسفر أو المرض، أن أكون بعيدا عن شبكة الانترنت. إنها نعمة فضيلة بحق. وهل هناك أفضل ممن يعين أمة على أن تتخلص بنفسها من مستبد؟
 rnلا تقتصر نعمة تلك الشبكات على الجوانب السياسية والترفيهية وسرعة تداول الأخبار والمعلومات، بل تتعداه إلى تسهيل التواصل المعرفي ومساعدة المهتمين في شؤون الدراسات والبحوث العلمية. rnأول شيء تعلمته من أساتذتي الكبار، في بدء دخولي عالم التخصص الأكاديمي، أن البحوث العلمية الرصينة، خاصة في مجال الدراسات الإنسانية، لا يمكن أن تُكتب في المكاتب حيث الطاولة والكرسي مع أوراق وقلم ومحبرة. مكانها الحقيقي هو المكتبات ومعايشة الناس ميدانيا. وهكذا فعل العالم الاجتماعي علي الوردي حين كتب عن الشخصية العراقية بعمق ورصانة علميتين لأنه استنبط تحليلاته من خلال معاشرة العراقيين في الأسواق والمقاهي والشوارع ومن التنقل معهم بوسائل النقل العامة. وكذلك يفعل صديقي وجاري الباحث التاريخي رشيد الخيون الذي ألف أفضل الكتب في تاريخ الديانات والمذاهب. كنت إذا اشتقت لرشيد، رغم انه جاري، لا اقصده في بيته بل لواحدة من المكتبات العامة بلندن خاصة مكتبة "سَوَسْ" SOAS الشهيرة. هناك أجده غائصا بين أكوام الكتب منهمكا في تأليف كتاب جديد فأعرفه عن بعد من خصلات شعره المتطايرة التي يصعب على الكاتب إخفاؤها. والآن صار يكثر من الزيارات الميدانية للمراقد والجماعات الدينية والمذهبية ليملأ فراغات مهمة غابت عمن سبقوه في التأليف والبحث.rnواليوم، وبفضل الانترنت بشكل عام، وشبكات التواصل الاجتماعي، بشكل خاص، صار الباحث، بشكل من الأشكال، يجول في المكتبات والمدن والشوارع ويمشي بين الناس وهو في بيته. فيالها من خدمة إنسانية تستحق الانحناء إجلالا وتبجيلا لمن اخترعها.rnكنت قد أزمعت، قبل عشر سنوات، على تأليف سلسلة من البحوث حول الأدب الشعبي بدأتها في بحث عن شعر النساء العراقيات (الدارمي). ولأني أعيش في المنفى، كنت أعاني كثيرا في الحصول على المصادر التي تعينني على تحقيق فرضيات البحث. فبالإضافة إلى شحة الدراسات في هذا الميدان مع ضعف بنيتها الأكاديمية، لان اغلبها يخضع للاجتهادات والأمزجة الشخصية، كنت بعيدا أيضا عن الناس الذين توارثوا هذا اللون الشعري الغنائي الجميل والرشيق من أجدادهم السومريين. لكني اليوم وبفضل الانترنت صرت لا احتاج إلى غير أن ضع رسالة في صفحتي على الفيسبوك طلبا لجواب عن سؤال أو نسخة من بحث أو كتاب إلا وأجد عشرات الاستجابات. وقد أجد بحثا في هذا الموقع أو ذاك المنتدى الالكتروني فاكتب للباحث أو صاحب الموقع لأحصل على معلومات كنت في زمن احتاج شهورا أو سنين لأحصل عليها. صارت لدي قائمة طويلة بأسماء هؤلاء الكرماء الذين ساعدوني. أصبحت بقدر لهفتي لإنهاء الكتاب وإصداره، أتلهف أكثر لشكرهم بأسمائهم واحداً واحداً على أول صفحات كتابي. rnالدنيا ما زالت بخير يا جماعة الخير.rn 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram