TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عالم آخر: المالكي وتشو ريم يونغ

عالم آخر: المالكي وتشو ريم يونغ

نشر في: 22 سبتمبر, 2012: 08:42 م

 سرمد الطائيانني اشعر بالسعادة الان فقيادتنا التي غاصت اكثر من اللازم في شؤون محلية وصراع بين المحافظات والاقضية والنواحي، ومشاكل الكهرباء والحصة التموينية ورواتب السادة البرلمانيين، وجدت نفسها "في قلب الحدث الدولي فجأة"، وعادت الى "الحظيرة الدولية" من اوسع ابوابها.
 فخلال بضع ساعات ابتداء من ليل الجمعة، ناقش مجلس الامن تقارير تفيد ان العراق يساعد ايران في تسليح الاسد، ليرد مستشار المالكي فورا بأن بغداد اعترضت طائرة من كوريا الشمالية لا من ايران، محملة بالسلاح نحو سوريا، بينما اصدر المالكي نفسه امرا لوزير دفاعنا بتدريب الجيش الموريتاني وادراج التكاليف ضمن نثرية "قانون البنى التحتية".وفي بضع ساعات ايضا قامت حكومتنا الرشيدة بإغضاب السيد تشو ريم يونغ رئيس وزراء كوريا الشمالية والسيناتور الامريكي كيري، وبشار الاسد نفسه الذي كان يحتاج تلك الصواريخ لتدمير المزيد من منازل حلب. والله يسترنا من غضب كل هؤلاء السادة الافاضل.اتخيل ان السيد تشو يونغ ريم، امضى يوم الجمعة وهو يحدق في ترجمة كورية معقدة لتصريحات السيد علي الموسوي مستشار سلطاننا العراقي بشأن اعتراض بغداد على شحنة جوية من بيونغ يانغ نحو سوريا، ويسأل نفسه: كيف كشف العراقيون سر طائراتنا العابرة لاجوائهم؟والحقيقية ان لدينا مع كوريا الشمالية "اواصر مشتركة ومميزة"، فمنهم اخذنا صاروخ الحسين والعباس والعابد، بينما اخذ الايرانيون صاروخ شهاب الاول والثاني والثالث، وتريد سوريا اليوم ان تشتري منهم "بشار واحد واثنين وعشرة" وكنا نشكل مع بعضنا (وبكل فخر واعتزاز) "محور الشر" وهو آخر حلف دولي معروف انضم إليه العراق، وهو حلف يفتخر بأن مشاكله لا تهدأ مع مجلس الامن وان بعض اعضائه "نحن طبعا" حاربوا 30 دولة وظلوا بلا كهرباء 20 سنة.وقد مرت سنوات طويلة دون اي اشارة تذكر عن العلاقات بيننا وبين كوريا الشمالية، حتى قام السيد مستشار المالكي صبيحة الجمعة بتعكير مزاج هذا "الصديق القديم" حين كشف ان بغداد اعترضت طائرتهم التي تحمل سلاحا الى بشار الاسد.وفي التوقيت مفارقة هائلة، فقد امضى الكبار في المنظمة الدولية ليل الجمعة وهم "يعتبون" على العراق الذي اصبح معتدلا خارج محور الشر، لكن "اعتداله" يسمح لايران بتصدير الاسلحة عبر اجوائه وبراريه.. ثم استيقظ مجلس الامن صباحا ليكتشف ان ايران لا تهرب الاسلحة، وإنما كوريا الشمالية، وذلك حسب الادلة المتاحة لدى السيد علي الموسوي والتي جاءت لتصحح قناعات واشنطن وباريس ولندن.العراق ورغم انه بلا استخبارات، امتلك الادلة على ان كوريا الشمالية تهرب الاسلحة، لكن امريكا ولديها اعظم استخبارات، لم تكن تعلم بذلك كما انها لا تمتلك ادلة تثبت المزاعم القائلة ان ايران تهرب السلاح عبر اجوائنا، فقد طالبهم المالكي بإثباتات دون جدوى.دخلنا مواجهة مع حليفنا القديم كوريا الشمالية، لكن كوريا صامتة و"مصدومة"، من محاولة السيد علي الموسوي وقف مشاريع التسلح في شرق الاطلسي.اما جيشنا ومخابراتنا فهم مشغولون حاليا وحسب توجيهات السيد نوري المالكي، بتدريب القوات الموريتانية على كيفية مكافحة الارهاب، ولذلك فإن واحدة من السيناريوهات التي وضعها كبار المستشارين على طاولة المالكي هي الاستعانة بطهران صديقة كوريا الشمالية للتوسط مع السيد تشو يونغ ريم وتهدئة غضبه. وسيكون بمقدور الوسيط الايراني ان يعرض حلا وسطا على كوريا التي تتمسك بحقها في ايصال الاسلحة الى الرفيق الاسد، اذ يمكن ترضيتهم بأن يجري نقل اسلحة كوريا بطائرات ايرانية، طالما ان امريكا لا تمتلك دليلا على مرورها اليومي بأجواء العراق.لا احد سيعلم كيف اكتشف العراق سر الشحنة الكورية، ولا احد سيوقف قصف حلب حتى اشعار آخر، ولا احد سيهدئ غضب الكونغرس الامريكي المكلف جدا للعراق. وأشعر ان هناك ضابطا ايرانيا يقول للمالكي حين يعترض على مرور طائرات ايران: "لسنا الوحيدين الذين ننقل الاسلحة عبر اجوائكم، انتم عميان لا رادارات ولا مخابرات. نحن من عبادان نرصد طائرات كوريا الشمالية وهي تسرح في سمائكم ايضا. في وسعكم ان تكشفو سرها، فليس لدى الكوريين ميليشيات في العراق".ان حادثة الجمعة هي اصعب كاريكاتير في السياسة الدولية شهدته اعوامنا العشرة الاخيرة!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram