TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > شناشيل: حكاية شبابية سعيدة عند شهرزاد وشهريار

شناشيل: حكاية شبابية سعيدة عند شهرزاد وشهريار

نشر في: 22 سبتمبر, 2012: 09:05 م

 عدنان حسينأوّل من أمس، عصراً ومساءً، كان شارع أبو نواس في بغداد على موعد مع حياة حقيقية يفتقدها المواطنون منذ عقود. هذه الحياة ابتدعتها مجموعات من الشبيبة احتشدت في الحديقة التي اقتنص عندها النحات المبدع الراحل محمد غني حكمت شخصية شهرزاد وشهرزاد من فضاء الأسطورة ليجسدها على أرض الواقع في نصب فخم.
المئات من الشابات والشبان الذين بدأوا بالتجمع هناك في عز الظهيرة لم يفعلوا ذلك من أجل الحصة التموينية أو اسطوانة غاز أو معونة الشتاء (هل تتذكرونها؟).. كانوا يحتفلون باليوم العالمي للسلام الذي أقرته الأمم المتحدة في العام 1981. ولا غرابة، فالشبيبة هم الأكثر حاجة إلى السلام والأكثر إدراكاً لقيمته.. وشبيبتنا بالذات يتقدم لديهم الاحتياج الى السلام على أي احتياج آخر، ففي بلد لم يزل أمنه مضطرباً، بل منفلتاً في بعض الأحيان عندما يقرر الإرهابيون أن يضربوا عشوائياً في الشوارع والساحات من دون روادع أخلاقية أو نوازع من ضمير مستغلين انشغال الدولة في الصراع السياسي والطائفي والقومي والمناطقي لمسؤوليها وغرقها في لجة الفساد، تصبح للسلام قيمة لا تقدر بثمن وبخاصة للشبيبة المتلهفة إلى الحياة والمتطلعة إلى المستقبل. بالحب والسلام تشبعت كل نسمة هواء مرت بالمكان وكل شعاع شمس انتهى إليه.. شبيبة من أحلى ما يكون ومن أهذب ما يكون ومن أرقى ما يكون استقبلوا المحتفلين بكل الود وقاموا على خدمتهم.. عرضوا الكتب والرسوم وباعوا الكيك وراح بعضهم، وهم طلبة الكليات العلمية، يفحصون الراغبين (الضغط والسكر والأسنان والوزن) ويقدمون إليهم الإرشادات الصحية... بعضهم أدى على أرض الحديقة عروضاً فنية شبابية جميلة (رقصات عصرية)، فيما توالت الفعاليات الرئيسة على المسرح (معزوفات موسيقية وأغان وعروض زورخانة). ليست العروض والفعاليات الأخرى وحدها ما تركز عليها اهتمامي، فقد كنت معنياً على نحو خاص بسلوك الشابات والشبان.. رحت أراقب عن قرب وعن بعد ما إذا يحصل أي سوء تصرّف في مثل هذا التجمع النادر من نوعه في بغداد التي كانت، كما سائر مدن البلاد، على أيامنا تحفل بمثيلاته وأكثر من دون أي تصرفات يمكن وصفها بأنها سيئة. ولقد كنت فرحاً للغاية بروح الألفة والزمالة السائدة بين المحتفلين.في أبو نواس، عند نصب شهرزاد وشهريار، قدّم شبيبة بغداد في يوم السلام العالمي حكاية بهيّة كان ختامها مسكاً، ككل حكايا الوقائع السعيدة، هو أن الحرية لا تتعارض مع المسؤولية كما يردد المتزمتون والمتحفظون العائشون في كهوف التاريخ.. بل ان ختام حكاية أول من أمس الشبابية أكد أن الحرية مسؤولية، وان الحرية التزام، وان مع الحرية تكون الحياة الحقيقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram