TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية:جنة البراءة

أحاديث شفوية:جنة البراءة

نشر في: 23 سبتمبر, 2012: 10:14 م

 احمد المهناللأخلاق معان عديدة. الجوهري منها هو التمييز الواعي بين الخير والشر. ليس تمييز القانون أو  العرف. فهذا النوع من التمييز، المهم بالطبع، هو أخلاق دولة، في حالة القانون، وأخلاق موروثة، في حالة العرف. 
rnالأول موضوعه الجرائم والثاني التقاليد. وكل منهما أخلاق متعلقة أيضا بتحديد الخير والشر والجميل والقبيح. القانون يعين القتل، أحد أكبر وجوه الشر، بوصفه جريمة ويضع لها العقوبة الملائمة. والعرف يحدد للناس الحسن الذي يجب عليهم القيام به والقبيح الذي يجب عليهم تجنبه في مناسبات أو حالات مثل الولادة أو الموت.rnوالقانون والعرف معا معرفة اجتماعية تعيِّن الأخلاق الموجبة والأخلاق السالبة. وهي ضرورية للحياة الاجتماعية. انها الأخلاق في مستواها الأولي، والمتكونة من معرفة في مستواها الاعتيادي. هناك أخلاقية أرفع ناتجة من مستوى معرفة فوق اعتيادي. انها أخلاقية "المسؤولية" الناتجة من معرفة "عقلانية".rnو"العقلانية"، كما عرَّفها أحدهم، هي معرفة الواقع كما هو بلا زيادة أو نقصان. ومنها يتكون المعنى الجوهري للأخلاق، وهو "الحرية". وهي تصرف الانسان على اساس تفرد عقله بالقدرة على تكوين قيم معينة لادارة حياته، ويكون هو مسؤولا تجاه هذه القيم. ان الخير والشر في هذه الحالة يحدد بمقدار تمتع الانسان بالمسؤولية تجاه القيم التي صنعها بنفسه، أو صنعها غيره،  وآمن بأنها تقود مصيره نحو الأفضل.rnالحرية اذن هي المسؤولية تجاه القيم التي تؤمن بها. وهذه الحرية أو المسؤولية هي ثمرة "العقلانية" أو ثمرة المعرفة العقلانية. ومن هنا يمكن القول بأنه لا أخلاق من دون معرفة، ولا وجود لأخلاقية من دون وعي. وعي الذات ووعي الموضوع، وعي الذات ووعي الآخر، معرفة من أنا وما أنا عليه، ومعرفة من هو الآخر وما هو عليه.rnلنأخذ نموذج ردود الفعل العربية والاسلامية تجاه "الفيلم المسيء" للرسول صلى الله عليه وسلم، ونخضعها للمساءلة: هل هي "أخلاقية"؟ هل تنم عن معرفة عقلانية؟rnلقد آمنا بأن الرسول محمد قوة أخلاقية هائلة، ومسؤوليتنا تجاهها هي التمثل بقيمها، والارتفاع الى مستواها، وبالطبع تجنب الإساءة اليها. وثمة بيننا من يعتقد أن ردود الفعل هذه، خصوصا العنيفة منها، هي اساءة للرسول، وللإسلام، وللمسلمين. ولكنه يرفع المسؤولية عن المحتجين، ويلقيها على عاتق الآخر، الذي أنتج الفيلم وهو يعرف أنه سيتسبب بمثل هذه الاحتجاجات، ويريدها، من أجل هدف واضح وهو تشويه صورة الاسلام. rnمن وجهة النظر هذه فان ردود الفعل الاسلامية على الفيلم لاأخلاقية، شر، ولكن أبطال ردود الفعل ليسوا لاأخلاقيين ولا أشرارا، وانما غوغاء، غير واعين، وبالتالي غير مسؤولين، وبريئون. هذا على الأقل ما سمعته من رجل دين أميركي من أصل مصري، وهو أحد المسؤولين عن جامع في احدى مدن الولايات المتحدة. وبنظر الشيخ نفسه فان "غزوة نيويورك" نفسها صناعة أميركية، كالفيلم المسيء. وقد تبناها بن لادن "تباهيا" و"غفلة". ولنتفق على ان كل ذلك صحيح. وأن "الأخلاقية مشروطة بالوعي"، وان "المعرفة أساس الأخلاق". ولكن ما دورك أنت يا شيخ في فضح هذه الجهالة، وهذه الاساءة؟rnعلى هذه القاعدة لسنا مسؤولين عن تخلفنا، عن هزائمنا، وعن أي شيء، لافتقادنا الى المعرفة العقلانية، والى الحرية. فهل نحن كذلك؟ وأي واجب يحتمه ذلك على رجال الدين والمثقفين؟ ركوب الموجة أم التصدي لها؟ الاستغراق في الظلام أم التنوير؟rnrn

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram