عواد ناصرقلت لهم، تكراراً، ودائماً قلت لهم: تعالوا معي. لكنهم فضلوا المكوث هناك، في الأسفل. الأسفل المعتم. لكلّ منهم قبوه، تتجاور أقبيتهم في قبو كبير، يكاد أحدهم لا يرى الآخر، لا يسمعه ولا يحدثه. يئست فصعدت السلّم، وحدي، ولا معين لي غير درابزين أقمته بنفسي، من أحلام قديمة
rnوخشب أخضر وبلاغات. يبدأ الدرابزين من لحظة العلوّ، أو من لحظة الهبوط. يصعد من حديقة، من حديقة البيت إلى الشرفة النظيفة، الملونة، حيث الباب المضيء المفضي إلى غرفة تمتلئ بالكتب، وبامرأة وحيدة بشال أبيض وجناحين من ريش ناعم. الزهور في أصصها تحتضن الدرابزين وتصعد به إلى الأعلى، يعين الشاعر على الصعود إلى المعنى، يعينني ليمنعني من السقوط.rnبعد أن علّقت قبعتي،rnثم معطفي،rnثم أسمال حكاياتي،rnعند أسفل الدربزين المؤدي إلى هناك،rnصعدت بخطوات غشيمة، لكنها مثارة، في تكليف النفس بواجبها الشعريّ. بدأت الصعود برغباتي، أولاً، أنا الكهل المتطلع إلى حضورك، وصعدت السلّم الصاعد إلى هناك بمشقّة قصيدة،rnبدأت الصعود بيدي المرتعشة (كان قلبي مرتعشاً أيضاً). ثمة ما يحملني إلى فوق. إلى غيمة تشتبك مع نفسها، واللوحة إلى يساري، تصعد معي، يصعد معي "آكلو البطاطا"rnلنترك، هناك، تحت:rnالمطبخ بصحونه وملاعقه غير المغسولةrnالستارة الصغيرة التي يلهو بها هواء رخيص،rnبضعة ضيوف يثرثرون مع فناجين قهوتهم،rnيعدّون على أصابعهم ما تبقى من أيام الشهر ليقبضوا الراتب،rnثمة امرأتان هناك، أيضاً، تتداولان تنزيلات الموسم، والكاتب الذي لم يكتب شيئاً في حياته، خلفتهم تحت، هناك، عند قمي الدرابزين وأنا أصعد إلى تلك الغرفة، كانوا هناك، تحت، كلّ في قبوه، النساء يتداولن تنزيلات الموسم، من دون أن تسمع إحداهن الأخرى، والكاتب، الذي لم يكتب شيئاَ، يحشو غليونه بالدخان.rnكم كانت الساعة؟rnأين كان القمر؟rnهل هو مساء القهوة أم صباح الذهاب إلى الأكاذيب؟rnتذكرت ذاك الشاعر البائس الذي أثقل كتفيه بالأجنحة حتى بات غير قادرٍ على الحركة.. وأنا كُتبَ علي لأدافع عن نفسي، مثل الكائنات جميعها، حتى حبة الفستق أحاطت نفسها بقشرة صلبة. لكنني صعدت السلّم بلا حماية تذكر، سوى كرة خيوط ملونة خبأتها في كمّي وأنا أفكر بحوارنا الأخير:rnلوزتاي ملتهبتان.rnأية لوزتين؟rnماذا تقصد؟rnاللوزتين اللتين على ثدييكِ.rnسقطت كرة الخيوط الملونة من كُمّي.. أحسست بأن ذرعاني كلها سقطت منّي. تلك خيوطي التي غزلتها سنين عدداً، لماذا تتدحرج بين الجدار والدرابزين؟rnنزلت السلّم، rnدرجة،rnدرجة،rnواستكانت، هناك، rnتحت أقدام الجالسين.rnذعرت المرأة الأولى لأنها حسبتها قنبلة يدوية،rnضحكت منها المرأة الثانية وهي تكتشف بذكائها الحاد كرة التنس الصفراء،rnالتقطها، الكاتب الذي لم يكتب شيئاً، ورمى بها إلى سلّة المهملات.rn
حرف علّة :كرة الخيوط الملوّنة
نشر في: 24 سبتمبر, 2012: 06:20 م