باسم عبد الهادي حسنتصاعدت في الاونة الاخيرة "الاتهامات" الموجهة الى السلطة النقدية ممثلة بالبنك المركزي العراقي من قبل بعض السادة النواب في البرلمان وذلك بشان ما اسموه "عمليات غسيل اموال" تجري عبر مزاد العملة الاجنبية الذي يديره البنك منذ سنوات, وفي سياق ذلك تعود الى الاذهان تلك الانتقادات التي وجهت الى المركزي قبل اكثر من ثلاث سنوات بشأن خطأ سياساته وعدم تنسيقه مع الشريك المفترض (وزارة المالية) مذكرين بانقسام الاراء في حينها الى "نقداوي"
rnو "مالاوي" على وزن زورائي وجوي ولكن الامر المختلف عن كرة القدم ان مباراتنا لم تحسم لحد الان وعلى ما يبدو ان امامها اشواطا اخرى.rnتفيد التجارب الاقتصادية النظرية والعملية ان الجدل حول افضلية استخدام اي من السياستين لوحدها لتحقيق الاهداف الاقتصادية لم يحسم بعد وان كل الذي تم التوصل اليه ان مزيج السياستين امر ضروري لنجاح كلتيهما فلا السياسة النقدية وحدها قادرة على تحقيق الاهداف الاقتصادية وبالمقابل فان السياسة المالية غير قادرة على ذلك ايضا, وعلى الرغم من ان قانون البنك المركزي الحالي قد نص على ضرورة التنسيق مع وزارة المالية الا ان التنسيق ظل غائبا عن المشهد طوال السنوات الماضية والاشكالية لم تكمن في عدم رغبة في التنسيق وانما في اختلاف وجهات النظر بين السلطتين المالية والنقدية في حينها حيث كان البنك المركزي يعتقد باهمية الاستقرار اولا وبالتالي اهمية السياسة الانكماشية في حين كانت السلطة المالية ترى اهمية النمو اولا وذلك عبر سياسة توسعية عبرت عنها في موازناتها المتتالية وفي مثل هذه الظروف يصبح التنسيق مطلبا صعبا او شبه مستحيل والسؤال اذا ما حصل ذلك فأي الرأيين يجب ان نتبع؟ ومن هي الجهة التي لها القدرة على حسم الموضوع؟rnلقد استمر البنك المركزي في رسم سياساته النقدية التي يراها مناسبة في اطار البيئة الاقتصادية الكلية معتمدا استقلاليته التي منحها له قانونه النافذ ويجب الا ننكر ان السياسة النقدية قد حققت نجاحا نسبيا في بيئة كانت ولا زالت صعبة للغاية فقد شهدت السياسة النقدية تطورات مهمة في اطار التحول من استخدام الادوات الكمية الى الادوات النوعية في مواكبة التحول نحو اقتصاد السوق فضلا عن تحرير سعر الفائدة لتعزيز التنافسية بين المصارف في منح الائتمان، وبالمقابل يجب على البنك المركزي ان يعترف باخطائه ايضا لاسيما وان الاخطاء وارده في علم الاقتصاد لانه ليس من العلوم الصرفة كما ان عليه ان يراجع بعض اجراءاته المتبعة حاليا ومن بينها مزاد العملة في اطار الانتقادات والاتهامات الموجه واذا ما فعل ذلك فسوف يكسب المزيد من المؤيدين لسياساته والا فان موقفه اليوم يبدو اصعب من قبل لان الموضوع لا يدور حول اختلاف في الرؤى والسياسات المطبقة وانما اتهام بضلوع المركزي في "الاقتصاد الخفي" وما يتم فيه من غسيل اموال يعود سلبا على الاقتصاد العراقي وعليه ان يثبت براءته مما نسب اليه والا فانه سيخسر كل ما حقق من مكاسب , فهل يستطيع المركزي ان ينهي هذا الشوط لصالحه علما ان التعادل غير ممكن هذه المرة كما حصل في الشوط الاول.rnrn
اوراق اقتصادية :المركزي والشوط الثاني
نشر في: 24 سبتمبر, 2012: 07:52 م