حازم مبيضينبانعقاد مؤتمر للمعارضة السورية في الداخل, تتكرس حالة من الانقسام الجديد في صفوف معارضي النظام, وتتشظى قوى هذه المعارضات بين المجلس الوطني, المقيم خارج الحدود بدون أية قوة على الأرض, والطيف المتباين من معارضي الداخل, المتهمين بأنهم من أتباع النظام,
وبين العسكر المنقسمين أيضاً بين الجيش الحر, وجيوش تحمل أسماءً معظمها وهمي, وكتائب لايتجاوز تعداد الواحدة منها أصابع اليدين. ينضاف إلى كل ذلك قوىً غامضةً تنتهج أساليب تخريبيةً يصيب أذاها الجميع, خصوصاً المواطنين العزل, الذين تأثرت حياتهم بما يجري على الأرض, وفقد الكثير منهم مصدر رزقه, وتحول إلى كائن بيتي لايغادر باب منزله, خشية رصاصة طائشة, أو تفجير أعمى يتصادف وقوعه مع تواجده في المكان, وفي بعض الحالات التعرض للاختطاف أو السلب, أو القتل بدون معرفة السبب. سيلف الغموض حادثة اختطاف ثلاثة من معارضي الداخل في وسط العاصمة, الاتهامات جاهزة, فالمعارضون من الخارج والداخل يتهمون النظام, في حين أن هناك اتهامات لمعارضي الخارج بمحاولة تخريب أو منع أي مجموعة في الداخل من عقد مؤتمرهم, أو لعب أي دور يسمح للنظام الحالي بالاستمرار بأي وسيلة من الوسائل, حتى وإن تضمنت تنحي الرئيس, وهو المطلب الأساس عندهم, وبدونه لن يكون ممكناً الخروج من الأزمة الراهنة. في حين يفتش معارضو الداخل عن أي حلول ممكنة, تسمح بالتحول نحو نظام تعددي ديمقراطي, يحفظ للبلاد وحدتها وما تبقى من قوتها, لتكون قادرةً على النهوض ثانية لمواجهة المستقبل, الذي يبدو شديد الغموض, فإن المعارضة الخارجية, وبرغم الانقسامات العديدة في صفوفها, وتباين نظرتها إلى مستقبل البلاد, تنادي بالتدخل الخارجي على غرار ليبيا, دون التوقف لحظة واحدة لقراءة الواقع الليبي بعد إطاحة القذافي, بالوسيلة التي ينادون بتكرارها. في الواقع السوري فإن العامل الخارجي يبدو أكثر تأثيراً ونفوذاً من العوامل الداخلية, فكل واحد من أطراف الصراع يستند إلى تأييد جهة خارجية, النظام يتلقى التأييد من روسيا والصين والدعم من إيران, والمعارضة بتشعباتها تتلقى الدعم والتأييد والمساعدة من تركيا والدول الخليجية والعالم الغربي. بين كل هذه الفوضى غير الخلاقة, تقف الجامعة العربية كعادتها, عاجزةً حتى عن ردود الأفعال, وتقف الأمم المتحدة مشلولةً, أمام تباين رؤى القوى العظمى تجاه الأزمة, بينما المسألة تتفاقم يومياً بالاتجاهات السلبية, ويواصل نهر الدم تدفقه, حتى ليكاد يتفوق على بردى في شدة الجريان, ونواصل نحن انتظار لحظة الحقيقة التي يبدو أنها مرتبطة بالانتخابات الرئاسية الأميركية ونتائجها. حتى لو نجحت المعارضة الداخلية في التوصل إلى حلول مع النظام, فإن المقيمين في الخارج, على ضعفهم وتشتتهم سيرفضون, وسيظلون شوكةً في خاصرة الدولة السورية, بغض النظر عن من يحكمها, ليس فقط لأن النظام الجديد غير متوافق مع طروحاتهم, وإنما لأن ارتباطاتهم بسياسات قوىً خارجية, تحتم عليهم تلبية مطالب من يرتبطون معهم.المعارضون من خارج جغرافيا الوطن السوري لا يساهمون في واقع الأمر في دفع فاتورة الدم المفروضة على السوريين, وبعضهم للأسف يقبض ثمنها, سياحة في فنادق الخمسة نجوم, المنتشرة في عواصم الدفع, والدعم للحالة البائسة التي وجد السوريون أنفسهم يطحنون تحت قسوتها كالحب في الطاحون. لاندري بعد إن كان انتقال قيادة الجيش الحر من منفاها التركي, إلى الأراضي السورية " المحررة ", سيكون عاملاً إيجابياً للثورة ضد النظام, أم أنه مجرد عمل دعائي, يضع تلك القيادة تحت رحمة طيران النظام, الذي لايرحم, ولا نعلم سبب تزامن هذا الانتقال مع مؤتمر معارضي الداخل, وهل سيشكل دعماً لهم, وهذا مستبعد, أم يرمي إلى التوضيح أن القرار مرهون بإرادة العسكر المنشقين.
في الحدث: السوريون ومعارضاتهم
نشر في: 24 سبتمبر, 2012: 08:23 م