علاء حسن التصريحات المتفائلة بإمكانية تجاوز الأزمة السياسية، الصادرة من مسؤولين او اعضاء في مجلس النواب غالبا ما تستخدم مفردات السفينة والمركب الواحد، والباخرة، تعبيرا عن الشراكة في إدارة البلاد، و"نحن في مركب واحد" أصبح شعار المرحلة، فيما لم يتطرق احد للحديث عن الأمواج المتلاطمة، والعواصف، ومخاطر البحر، وهجمات القراصنة وصلاحية المركب او السفينة، والثقة بربانها، وتضامن الملاحين وتكاتفهم من اجل الوصول بسلام الى بر الأمان.
المعجبون بتشبيه العملية السياسية بالسفينة تراودهم المخاوف من الغرق، ولهم أسبابهم المشروعة في اعلان قلقهم، لانهم يعتقدون بان بعض الملاحين لديهم مطامع وربما ارتباطات بالقراصنة ولصوص البحر، ولمواجهة المخاطر المحتملة، وضعوا "الانكر" تحت تصرفهم لمنع سير السفينة، وايقافها في عرض البحر لاجتثاث "الملاليح" المتآمرين وتصفية آخر حساب معهم، ثم رميهم لأسماك القرش، بقرار قضائي سريع فوري وعاجل وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب. هواجس الخائفين من غرق السفينة علقوا كل آمالهم على "الانكر" لأنه بنظرهم أداة الحسم الوحيدة لإنهاء الصراع لصالح الربان المعروف بامتلاكه قاعدة تأييد شعبية واسعة، طالما طالبته بإطاحة بخصومه لخطرهم على مصير السفينة وعرقلة وصولها الى بر الأمان والمتشبثون بالانكر بوصفه خيارا لحل الأزمة، حملوا معهم الاثقال والسلاسل والهنكلاين والشيلمان بمختلف الاحجام والاوزان لتساعد الانكر في اداء واجبه الوطني. فكرة ان تكون السفينة مثقلة بالسلاسل، تكفي لإعطاء انطباع عنها أنها تسير ببطء وبمساعدة الحجلة كـأي طفل بدأ خطواته الاولى على ايقاع "تاتي تواتي"، ومسار العملية السياسية باعتراف من خاض غمارها، يوصف بأنه يتقدم الى الوراء بخطوات سريعة، والخطوة الى الامام تعرقلها السلاسل، والانكر بوزن أكثر من خمسة طن، وبرغم ذلك "تمشي السفينة" كما تقول احدى الأغنيات في زمن الحرب العراقية الايرانية. اين وصلت السفينة والمركب والبلم؟ وهل شاهد احد ركابها ضوء الفنار، وملامح بر الأمان؟ فغمرته السعادة برؤية طيور النوارس، هذا الحلم لدى كل العراقيين، يبدو صعب المنال، فسفينتهم وعلى الرغم من تشجيع الآباء والأمهات بتسريع الخطوات تاتي تواتي، لم تتقدم خطوة واحدة، وليس هناك من احتمال أن تتخذ مسارا، خارج إرادة الربان والملاحين.سفينة العملية السياسية لا تختلف عن بلم كان من ممتلكات مدرسة ابتدائية تقع في قرية على نهر الغراف بمدينة الناصرية، فبجهود مديرها المربي الراحل باهظ الحاج تقي الحميداوي حصل على موافقة المعارف اي مديرية التربية للحصول على بلم يستخدمه التلاميذ للعبور الى الضفة الاخرى، في احد الايام انحدر البلم مع مجرى الماء، وبجهود اهالي القرية اعادوه الى قاعدته، وتبين ان احدهم سرق سلسلة ربطه بالجرف، فاضطر المدير أن يبلغ المديرية بالحادث طالبا صرف مبلغ لشراء سلسلة جديدة، لربط البلم، والرجل حاول أن يوضح اهمية ومواصفات السلسلة، فأورد عبارة "علما ان هذه السلسة لها مكانتها بين السلاسل" راجين تلبية طلبنا مع التقدير، والكتاب الموجه الى التربية، يحتمل أن يتضمن نسخة منه الى قادة العملية السياسية للحفاظ على سفينتهم.
نص ردن: سلسلة مع التقدير
نشر في: 25 سبتمبر, 2012: 08:18 م