TOP

جريدة المدى > غير مصنف > علي جواد الطاهر..أستاذ النقد الأدبي الحديث وريادته في العراق

علي جواد الطاهر..أستاذ النقد الأدبي الحديث وريادته في العراق

نشر في: 21 أكتوبر, 2009: 04:57 م

د. سيّار الجميليعد الدكتور علي جواد الطاهر رائدا من رواد النقد الأدبي العربي الحديث في العراق خصوصا انه رجل مبدع اكاديمي ترّبي علي يديه اكثر من جيل في القرن العشرين ،وكان الرجل تقدميا في تفكيره ومعاصرا في آرائه له بلاغته في الكلام ومنهجه في التفكير ،
درس في العراق ضمن اسس قوية ومتماسكة وذهب الي فرنسا ليستزيد علما ومنهجا واتساعا في الرؤية وعاد من دراسته في السوربون عند مطلع الخمسينيات التي كان العراق يضّج خلالها بالمع المثقفين والساسة والمختصين . عرفته من جانبين ، معرفة شخصية بواسطة صداقة أدبية حميمة كانت تربطه بوالدي - رحمهما الله - فقد كانا من جيل واحد ودرسا في بغداد معاً .. ومعرفة اكاديمية نتيجة لقاءات عدة جمعتني مع الرجل .. كان الطاهر عراقيا اصيلا يعشق ارضه وطبيعتها الجميلة عشقا ومغرم بتراثها الغني بشكل يفوق الحدود .. وكان كل اهتمامه وحديثه في مجالساته ومرافقاته عن الادب والابداع والنصوص والمناهج والاسماء الادبية والثقافة العراقية والتاريخ الادبي والنقد الادبي ..ذكرى لن أنساهااذكر انه زار الموصل وقضى ساعات طويلة في مكتبة عائلتنا رفقة والدي الذي اعطاه منها المزيد من النصوص القديمة والمطبوعات النادرة ! ومضت اعوام ورحل والدي الي الدار الآخرة كي ينادي علّي الاستاذ الطاهر باسمي وانا امشي عند سياج حديقة الشهداء بالموصل ، فالتفت لأرى الطاهر وحده وهو يستند بقوامه على ذلك السياج الحديدي الاخضر يمتع نفسه بجمال اشجار تلك الحديقة الغناء فوقفت معه طويلا ليسألني عن احوالنا ويقول انني في زيارة علمية للموصل وفي كل سفرة لي اليها ازور هذه الحديقة القديمة . وبعد ان غدوت استاذا في الجامعة ، كنت التقي الطاهر عدة مرات يحادثني عن همومه وما اكثرها وخصوصا عن نظام الحكم في العراق . وكنت قد اعجبت بكتابه الرائع " منهج البحث الادبي " الذي اختزل فيه منهجه ورؤيته للبحث في العلوم الانسانية والاجتماعية حسب الاصول الفرنسية ، وكثيرا ما جعلت طلابي في الدراسات الاولية والعليا يعودون اليه نظرا لقيمته الحقيقية التي تجعل من صاحبه ذا شخصية بحثية ومعرفية مقتدرة ، فهو واحد من اهم ما كتب اكاديميا بالعربية عن منهجية البحث العلمي والادبي .الندوة الشهريةواسس علي جواد الطاهر في أواسط الخمسينيات ندوة نقدية شهرية في جامعة بغداد التي عمل بها وأنطلق لدراسة النتاج القصصي والأدبي للأدباء العراقيين المحدثين حيث لم يكن قبل هذه الندوة الشهرية أي معلم لتيار ثقافي نقدي مميز في العراق باستثناء كتابات يتيمة متفرقة في الصحافة المحلية البغدادية خصوصا . نعم ، لقد اسست تلك " الندوة " بعض الخطوط المعرفية والاكاديمية في منهجية البحث والكتابة واسلوب العمل النقدي الذي نجح في انتاج عناصر مبدعة في الكتابة العراقية تعرضت لجل النتاجات الثقافية العراقية وفق رؤية نقدية معاصرة .. وهذا الذي جعل مثل هذه الندوة قاعدة لها ارضية قوية تحركت فوقها فعاليات نقدية أكبر لتغدو واحدة من اقوى أسس اتحاد الأدباء في العراق العام 1958 فكان هناك دورا مبرزا لعلي جواد الطاهر في ذلك كواحد من بين مؤسسيه ومسؤولا عن تحرير مجلته الشهرية " الأديب العراقي" التي أولت النقد الادبي أهتماما واسعا.. ناهيكم عن تلك الندوة الشهرية التي لم يغب عنها يوما ..الأسس المنهجية واتحاد الادباء في العراقلقد نجح الرجل في تأسيسه لمنهجية البحث تتلخص بالركائز التالية :1) أن يكون النتاج العراقي من صلب اهتمام المتحدثين والمناقشين في الندوة كأولوية لم تكن موجودة سابقا . 2) أن يكون صاحب المنتج الادبي او الثقافي حاضرا في المناقشات فقد يتطلب الموقف رأيا أو إيضاحا .3) أن يكون الأدب وفنونه محور عمل الندوة مما يعني أنه أبعدها عن السياسة والرأي الحزبي او السلطوي .. هذه هي المباديء الثلاثة التي التزم بها الادباء والمثقفون العراقيون .. ولقد نجح الطاهر في عقد ميثاق عمل معرفي بين الجامعة والمجتمع من خلال رعاية جامعة بغداد لمثل تلك المناقشات الحيوية .تأسس اتحاد الأدباء في العراق بعد ثورة تموز / يوليو 1958 ورأسه الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري واصبح الدكتور علي جواد الطاهر مسؤولا عن النشاط الثقافي فيه ، فترأس تحريرمجلة " الأديب العراقي " التي كان يصدرها الاتحاد ، فغدت نافذة على الثقافة العراقية . تنشر النتاج الإبداعي والنقدي والمناقشات والمحاورات . ومن خلالها أطل الطاهر نقديا على تراث القصة والشعر العراقي ، وجعله يدرس محمود أحمد السيد رائد القصة العراقية الحديثة بكتاب ما يزال مقروءاً لليوم من اجل ان يغدو منهج النقد الادبي نافذة على تحديث المجتمع العراقي كله . .تحديث المجتمعيعد الاستاذ الطاهر واحدا من ابرز رجالات النهضة النقدية في تحديث المجتمع العراقي المعاصر ، وكان الرجل قد أمتهن الثقافة ميدانا حيويا وعمليا له . وتابع بنشاط ودأب فعاليات تلك الثقافة فالمعروف عنه انه لم تفته اية مجموعة قصصية ولا ديوان شعر ولا نصوص مسرحية ولا معرض فني ولا مناسبة ثقافية ولا مناسبة فكرية من دون أن يكون حاضرا فيها مبديا رأيا حول ما سمعه منها او ما شاهده فيها ، وكان يقول ما ينفع من ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

مقالات ذات صلة

غير مصنف

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

بغداد/ المدىيعرض معرض "إعادة العرض" الفني، الذي يجمع أعمال فنانين عراقيين من داخل الوطن وخارجه، لوحات حية من تاريخ العراق المعاصر.ويسلط المعرض الضوء، من خلال لغة السينما، على التحديات التي واجهها الشعب العراقي على...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram