TOP

جريدة المدى > غير مصنف > علي جواد الطاهر وتجربته في النقد المسرحي

علي جواد الطاهر وتجربته في النقد المسرحي

نشر في: 21 أكتوبر, 2009: 05:01 م

محمد حسين حبيب   بدأ اهتمام المرحوم الدكتور ( علي جواد الطاهر ) بالمسرح عامة , وبالنقد المسرحي خاصة , بعد اقامته في باريس للسنوات 1948-1954 . وكانت مقالته (أنا ناقد مسرحي ) التي نشرها في آذار 1958 في مجلة (المعلم الجديد )
تؤسس لذلك الاهتمام , حيث نلمس تيقن الطاهر ما للمسرح من أهمية بالغة في الكشف عن حضارة الأمة .. فهو يقول : « إن امة لاتنظر الى المستقبل هي امة مشلولة , والمسرح هو جزء من حركة الأمة ومسارها الخلاق .. « على وفق هذا المفهوم المتحضر , والمثقف , نظر الطاهر لفن المسرح وتفاعل معه مشاهدا ومتابعا وموجها حقيقيا في كتاباته ( أحاديثه ) المسرحية كلها.فالمسرح إذا كان من بين اهتمامات الطاهر الموسوعية , حيث كتب عنه أكثر من ثلاثين مقالة أدبية , نذكر منها كتاباته النقدية عن العروض المسرحية العراقية للمسرحيات : البيت الجديد / الغريب / السؤال / كلكامش / بيت الحيوانات / غاليلو / الرجل الذي رأى الموت / رقصة الأقنعة / كوريو لان / كشخة ونفخة / برج الحمام / الرهن / الإنسان الطيب / خيط البريسم / ترنيمة الكرسي الهزاز / الباب / بير وشناشيل / لو / الأشواك.إننا نشهد ما للنقد والناقد المسرحي وما يتمتعان به من أصول علمية موضوعية منهجية يعمل وفقها المتخصصون والدارسون . في الوقت نفسه نشهد للطاهر عدم تخصصه في هذا المجال كونه ليس من أهل المسرح , أو من الخبراء فيه إلا انه كان متذوقا كبيرا يثني على ما يعجبه ويعيب ما يضجره , ويقولها دائما : ( على مسؤوليتي .. ) هذه العبارة يكررها في اغلب كتاباته عن العروض المسرحية التي شاهدها وكتب عنها , بأسلوبه العذب , ولغته الحسنة , بحلاوتها السلسة الدفاقة , يجتذب القارىء حقا , إذ يهيم معها شاء أم أبى . إن المتتبع لكتابات الطاهر تلك , سيتلمس أمورا عدة , منها : إن الطاهر يهتم بأمور خارجة عن العرض المسرحي المنقود , فنجد مثلا الوصف الدقيق لمواقف مرت به قبل الدخول في قاعة العرض , ينظر الى شباك التذاكر , وإقبال الجمهور , كما نجد المقترحات والتوجيهات الوعظية منها والتربوية البعيدة برأينا عن مهمات النقد والناقد المسرحي الأساسية . كذلك نجد عدم التدقيق في الأسلوب أو الطريقة الإخراجية للعرض , حتى وان كان ذلك الإخراج ( مبتكرا ) باعتراف الطاهر نفسه .فهو يقول مثلا في كتابته عن مسرحية ( لو ) التي أخرجها (عزيز خيون ) :» إخراجه كان مبتكرا...وان لهذه المسرحية إخراجا واحدا هو هذا الذي قدمها به عزيز خيون , ويصعب أن تراها على غيره حتى لو عرضت بعشرة وجوه وأكثر من عشرة وجوه .. « . إن الطاهر هنا لم يذكر طبيعة الإخراج المبتكر ذاك , أو ذلك الإخراج الواحد , كيف هو ؟ على وفق أي مذهب أو أسلوب ؟ تجريبيا كان أم واقعيا أم تعبيريا .... ؟ ويتكرر الحال نفسه في كتابته عن مسرحية ( الباب ) التي أخرجها ( قاسم محمد ) . بل انه يتجاوز الإخراج هنا ويبقى فرحا في النص وفرحا بالتمثيل .أما عن التمثيل ودور الممثل في العرض فلا نجد غير كلمات المديح والثناء , البعيدة عن أصول وتقنيات آلية اشتغال الممثل وعمله , فالطاهر يكرر في اغلب كتاباته تلك عبارة ( جوّد الممثلون .. ) أما كيف جود ؟ ولماذا لم يجود غيرهم ؟ فهذا ما لم يتعرض إليه الطاهر فبقيت عبارته تلك , كلمات تفتقد الى مبرراتها , ذلك أن الطاهر ليس من المختصين والدارسين لفن المسرح - كما نوهنا - والأمر هنا يقودنا الى ( انطباعية ) الطاهر النقدية المعروفة .العنوان لدى الطاهر يكاد يتشابه ويتكرر , وهو اقرب للإعلان عن المسرحية لا عنوانا نقديا , ونذكر أمثلته : ( بير وشناشيل مسرحية راقية ) ( الغريب مسرحية راقية ) ( لو .. مسرحية عراقية تهز الركود وتفضح الهبوط .. وترجح لدى الاختيار) ( الأشواك .. مسرحية عراقية ناجحة في ذاتها مستثيرة أشجانا من خارجها ) و (خيط البريسم أو فرقة المسرح الفني الحديث ما زالت بخير).كذلك نشعر حين نقرأ تلك الكتابات ومحتواها , إننا إزاء قراءة قصة مثلا , فيها الوصف والموضوعة المستندة الى اشتغال مقال أدبي صرف .أما عن مكملات العرض المسرحي الأخرى , كالديكور والإضاءة والأزياء والمؤثرات الصوتية , فهذا ما لم يتطرق له الطاهر إلا بذكر عابر يسير قد تفرضه عليه الصياغة المقالية لإكمال معنى ما . كذلك ابتعاده عن استخدام ( المصطلح المسرحي ) كأداة نقدية رئيسية يستند إليها الناقد المسرحي , على الرغم من تأكيد الطاهر نفسه الاهتمام بالمصطلحات وبأنها غير الكلمات - على حد قوله - . ومن المهم الاشارة هنا الى آراء الطاهر عن ظاهرة المسرح التجاري التي شاعت في حينها كتسمية لعروض أستهلاكية هابطة , فهو يقول مثلا : « .. الأسوأ ما يضحك أكثر من دون سبب , ليربح أكثر من دون حق..”.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

مقالات ذات صلة

غير مصنف

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

بغداد/ المدىيعرض معرض "إعادة العرض" الفني، الذي يجمع أعمال فنانين عراقيين من داخل الوطن وخارجه، لوحات حية من تاريخ العراق المعاصر.ويسلط المعرض الضوء، من خلال لغة السينما، على التحديات التي واجهها الشعب العراقي على...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram