اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المسلسلات التلفزيونية وإعادة كتابة التأريخ.. "عمر" أنموذجا !

المسلسلات التلفزيونية وإعادة كتابة التأريخ.. "عمر" أنموذجا !

نشر في: 26 سبتمبر, 2012: 07:16 م

يوسف ابو الفوز(2-3)ولم يكن هذا بعيدا عن طلبات المنتج واللجنة المشرفة المشكلة من ستة من رجال الدين المعروفين جيدا على الساحة الإسلامية الدينية والسياسية وربما أشهرهم الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي،  فالحصول على الإذن بتجسيد شخصيات الصحابة، رافقه شرط وجود لجنة رجال الدين للمراقبة والمتابعة، 
 rnالتي يبدو أن وجودها تدخل كثيراً في عمل الكاتب وليد سيف، وفي سير النص والأحداث المروية وإفراغ مهمة المخرج حاتم علي من محتواها الإبداعي، وحددت خياراته الفنية، وجعلته يلجأ لأبسط الحلول الإخراجية لإنجاز العمل، واستعارة أسلوب المخرج الأمريكي ـ السوري الأصل مصطفى العقاد (1930 - 2005)، في إخراجه لفيلم "الرسالة" عام 1976، خصوصا في المشاهد التي تجمع الصحابة مع النبي محمد، ورغم كل الذي يقال فان المسلسل يبقى عملا مهما وخطرا ويتطلب التوقف عنده وتوضيح ما له وما عليه. ومما يذكر أن الجهات الدينية التي أفتت بالسماح بتجسيد شخصيات الصحابة على الشاشة اشترطت أن الممثل الذي يؤدي دور الخليفة عمر بن الخطاب يجب أن لا يكون معروفا وان لا يؤدي أدوارا جديدة لفترة خمس سنوات قادمة ، مما أجبرت المخرج للاستغناء عن ممثلين مقتدرين تعاون معهم سابقا، واضطر للبحث طويلا عن الممثل المناسب، حتى عثر على الفنان سامر إسماعيل الذي يملك المواصفات المطلوبة حسب شروط  اللجنة الدينية وليس حسب متطلبات العمل، لهذا نجد في الحصيلة أن الممثل لم يوفق في إقناع المشاهد بأدائه شخصية عمر بن الخطاب بشكل حيوي، فجاءت باردة بدون أي تألق درامي، وربما صح القول هنا كون شخصية عمر كانت اكبر من إمكانات وطاقات ممثل ليست له الخبرة الكافية ويعتبر هذا دوره البارز الأول، لا سيما وان الأخبار الفنية ذكرت كون المخرج حاتم علي رشح أولاً ممثله المفضل السوري تيم الحسن ولكنه لم يحصل على الموافقة. واضح جدا أن المسلسل لضمان نجاحه استعان بخبرات عديدة، فالمنتج وضع ميزانية ضخمة، سمحت للمخرج بالاستعانة بفرق متخصصة بتصميم وإدارة المعارك واستخدام مجازفين لتنفيذ المعارك، وكان إخراج المعارك لشادي أبو عيون السود، الذي رافق حاتم علي في العديد من المسلسلات التاريخية، وفريق كرافيك فرنسي متخصص ساعد في تنفيذ العديد من المشاهد الخارجية المهمة ، إضافة الى فريق الماكياج الإيراني المتخصص ومن ضمنهم مصمم الماكياج المعروف عبد الله اسكندري، حيث أثار وجود الفريق ومساهمته جهات إيرانية، لأسباب ودوافع مختلفة، منها طائفية وقومية، فالقوميون الفرس ينظرون إلى الخليفة عمر بن الخطاب كقائد عربي أسقط آخر إمبراطورياتهم الكبرى، أي الإمبراطورية الساسانية ، وأخضع بلادهم لسيطرة العرب بشكل مباشر لمدة قرنين من الزمن، إضافة الى الدوافع الطائفية عند المتشددين من الشيعة الإيرانيين، من هنا جاءت دعوة جريدة "كيهان" الإيرانية إلى مقاطعة المسلسل وكل من تعاون في الإعداد لانجازه. وقد كان لنتائج عمل فريق الماكياج الإيراني تأثير واضح وناجح في رسم ملامح الشخصيات، بسبب خبرة الفريق المتراكمة من خلال العمل في العديد من المسلسلات الإيرانية المعروفة، لهذا جاءت بعض الشخصيات مرسومة بالشكل الذي تعّرف إليها المشاهد المتابع للأعمال الإيرانية، وظهر لنا الإمام علي بن أبي طالب، الذي لعب دوره المخرج حاتم علي، مجسداً بشكل يشبه كثيرا الصور الجميلة المعروفة عنه والمنتشرة في إيران وبيوت الكثير من شيعة العالم!rnإذا تناولنا أحداث مسلسل عمر ، فيمكن القول أن المسلسل وكما أشارت الإعلانات التي سبقت عرضه، كونه يقدم ألف حكاية من سيرة الخليفة عمر بن الخطاب، وهكذا ، فالمشاهد لم ير في المسلسل خطا دراميا يقود الأحداث، فلقد كان المسلسل أمينا للدعاية عنه في القفز من حكاية إلى أخرى، وقدم لنا سيرة ظهور الإسلام أكثر مما قدم سيرة الصحابي عمر، فلقد كان ظهوره في بعض الحلقات محدودا ويبدو أحيانا مقحما، وكان المسلسل يتوقف عند أحداث ويعرضها بتفاصيلها ويحاول زج الصحابي عمر بمشهد أو مشهدين لإقناعنا بوجوده وكون المسلسل يدور عنه، ما افقد العمل عنصر التشويق والشد ، فالكثير من حلقات المسلسل كانت مجرد حوارات طويلة ومملة ، مستلة من كتب التأريخ حرفيا ، وقد اعترف المخرج حاتم علي بهذا حيث أشار " كنت ميالاً لإضافة كلمتين تحت اسم "عمر" كعنوان فرعي وهو "عمر : عصره وحياته"، وأعتقد أن هذا ربما كان أكثر مواءمة لموضوع المسلسل ، وكان من شأنه تبرير النصف الأول منه" ــ حديث إلى فجر يعقوب مراسل موقع دي بريس 07/08/2012 ــ . إن أحداث المسلسل عموما تقودنا إلى الحديث عن موضوعة قراءة التاريخ وإعادة كتابته تلفزيونيا من خلال المسلسلات التاريخية ، التي تحاول أن تقرأ التاريخ من خلال الرؤية السياسية والطائفية لمنتج العمل أساسا . إن خطورة هذا الأمر تكون في كون هناك هبوط في مستوى تداول وقراءة الكتاب في عموم الوطن العربي ، حيث صارت الفضائيات هي مصدر المعلومات لدى غالبية عموم الشعوب العربية التي ترتفع فيها نسبة الأمية بشكل مخيف، من هنا فإن ما يقدمه التلفزيون من قراءات للتاريخ تكون هي المرجع لدى المشاهد، ولا يخرج مسلسل عمر عن هذا المنحى، فقد كان واضحا جدا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram