TOP

جريدة المدى > غير مصنف > ما أحوجنا إلى منحى الطاهر في الكتابة!

ما أحوجنا إلى منحى الطاهر في الكتابة!

نشر في: 21 أكتوبر, 2009: 05:04 م

فوزي كريماشعر بأنني اضعف الحلقات في هذه الندوة، لاني لم اكن تلميذا للطاهر، ولم انعم بمحاضراته في كلية الاداب كما لم اكن صديقا مقربا، جمعتنا بعض اللقاءات في اواخر الستينيات عندما كنت في اول الشباب واوائل السبعينيات، ولم تكن مساهمتي هذه الا استجابة لطلب (الكوفة) مقترحا الحديث عن اخر ماوصل اليّ من كتابات الطاهر،
وهو كتاب جمع فيه ماتبقى من مقالات لم تنشر للشاعر حسين مردان، ولقد اطلعت على هذا الكتاب حيث كتب الطاهر له مقدمتين مطولتين لقسمي الكتاب المقدمة الاولى حول المقالة الادبية لحسين مردان، والقسم الثاني حول النثر المركز الذي خلفه الشارع بعد وفاته، وبضع قصائد، وهو يميز بين قصيدة الشعر الحر والنثر المركز الذي يسمى اليوم قصيدة النثر.ما يلفت الانتباه في دراسة الطاهر عن حسين مردان هو طابع فن المقالة الادبية في هذا النص النقدي، وقد استغربت حينها ان يقبل استاذ جامعي مختص في موضوعة المنهج النقدي والمذاهب النقدية ليكتب دراسة عن شاعر متميز كحسين مردان، فلا يجد وسيلة للتعامل مع هذا الشاعر ونصوصه الا عبر المقالة الادبية.واشارة الدكتور اطيمش والدكتور صلاح نيازي حول الطبيعة التأثرية او الطبيعة التذوقية للنص لعلي جواد الطاهر، صحيحة تماما، وانني اميل الى هذا الاسلوب في الموقف النقدي، لا في المرحلة السابقة في الستينيات او الخمسينيات فحسب انما حتى في هذه المرحلة.الحقيقة لقد اكتشفنا جميعا ان اطلاعنا على المذاهب النقدية الغربية لم يكن صائبا دائما، كان يحول بيننا وبين هذه المذاهب والتيارات النقدية واقع متخلف، لايحتمل هذه الطاقة الذهنية الكبيرة والعقلانية المذهلة التي توفرت للغرب، ولذلك فمنهج الطاهر ومنهج اساتذة اخرين يشبهون الاسلوب الذي يكتب فيه الطاهر، اجدها اقرب الى تنمية الذائقة الادبية لدينا، فانا اذكر على سبيل المثال في ندوة جمعتني مع الاستاذ الطاهر في اذاعة بغداد، كنت صغيرا انذاك، حول موضوعة القصة القصيرة، وفي الحديث وضع الاستاذ الطاهر مجموعة مواصفات للكاتب الناشط في الستينيات، وكان محور الحديث حول القصص الستينية، ومن جملة هذه المواصفات التي كان ينصح بها الكاتب الجديد هو ان يكثر من الاسفار، ان يتقن لغة ثانية، ان يحسن وقت القراءة.. الخ.طبعا انا وقفت موقف متشدد من هذه الشروط لانها لم تملأ حاجتي المتوهمة للتيارات النقدية المكابرة التي كنا حينذاك ننهل منها دون استيعاب حقيقي وكنت احاجج الطاهر، وبعد فترة اكتشفت ان حكمة الطاهر في حديثه هي وليدة معرفة، وحماقتي وليدة جهالة، ولقد الف جيلي الكثير من الحماقات في هذا التشدد والتشبث بالتيارات النقدية المعاصرة وتبين لنا جميعا بعد عقدين من الزمان اننا لم نكن نفهم منها شيئا، لا لاننا لا نستطيع ان ندرك هذه التيارات على حقيقتها فقط، ولكن لان مرحلتنا ذاتها لم تكن تحتمل وطأة التيارات النقدية التي لم تكن وليدة عبقريات فردية، انما كانت وليدة قاعدة كبرى تسمى في مجملها حضارة.والشيء المثير في كتابات الطاهر هو هذا الطابع الانطباعي هذا الطابع التأثري، او التذوقي،، مازلت اذكر في مجلة المعلم الجديد، التي كنت اشتريها ستوكات مستعملة، انني كنت اتابع كتابته فيها بمتعة فائقة، بفعل هذا الروح الانطباعي داخل النص، ومازلت اذكر واحدة من خصائص كتابته كان لايلحق الهامش بالمتن انما كان يشرك الهامش مع المتن، فانت تقرأ ذات الطريقة في كتابته عن حسين مردان ويكتب في المتن وتظن ان يترك الهوامش على طريقة الجامعيين ولكنك تكتشف ان الهامش هو تكملة حتى في صياغة الجملة الى المتن.هذه اعراض وضعها الطاهر عبر كتاباته التي تبدو لي اقرب الى الكتابة الصحفية. واعود فأقول وما احوجنا الى هذا المنحى في الكتابة التي توحد او تقارب بين المنهج العلمي وبين المادة الصحفية لاننا احوج ما نكون الى التقرب خاصة من شخص مثل الطاهر لم يكن مختبئا وراء حرم الجامعة واعرافها، انما كان اديبا مساهما في الحياة الثقافية بصورة عامة.في موضوعة حسين مردان، تبادر الى ذهني سؤال لم اجد صعوبة في الاجابة عليه، وهو لم اختار الطاهر الجامعي المنهجي شخصا مثل حسين مردان الشاعر المتمرد الذي لايمسك بخيط؟.عبر قراءات الطاهر القديمة وعبر قراءة دراسته عن حسين مردان، واختياره لمنحى المقالة الادبية في هذه الدراسة عبر كل هذا تكتشف ان الطاهر يملك ذات الخصائص التي يملكها حسين مردان تكتشف معنى ان يكثر الانسان من الاسفار، لكي يحكم كتابة قصته انما هي صدى هذا الميل الروحي الداخلي الى الخروج الى قاعدة الاستاذ الجامعي وقاعدة الاديب المحكم داخل لغة محددة واشارته الكثيرة الى وحدة التجربة الروحية مع التجربة الفنية، وجدها في شخص حسين مردان، فاثار لديه هذا الحماس من جديد لمواصلة فكرة ان يكتب الانسان ما يشعر به ان لايبعد الكلمة عن الحياة.كنت اود ان اجد فرصة في هذا الحوار لقراءة شيء من نصوص علي جواد الطاهر في متابعته لمفهوم المقالة الادبية، وهو احد المتحمسين لها كما اشار الدكتور صلاح لان موضوعة المقالة الادبية تحتاج في ذاتها الى حوار طويل، لانها واحدة من ضروب الابداع التي اختفت كليا من حياتنا الثقافية كانت عنصرا اساسا في حيوية الثقافة العربية في عصر نهضتها الاولى متمثلة بعظام الكتاب الذين نعرفهم في مصر خاصة، ولكنها اطفئت

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram