عامر القيسييقال أن في السياسة كل شيء ممكناً وإنها فن الممكن، وسيقت تلك المفاهيم للسياسة لكي تسهل عليها مهمة الالتفاف على المبادئ، وصيغت في ما بعد مقولات من طراز، لا عداوات دائمة ولا صداقات دائمة، وفي لحظة تاريخية يتحول الأصدقاء إلى أعداء وتفصل البندقية بين لحظة عبرت وأخرى حاضرة وثالثة ربما تكون قادمة.
rnحزب الدعوة والبعث قصة من قصص التأريخ السياسي العراقي وهما كما يقول أهلنا مثل "الحيّة والبطنج" لا يلتقيان ولا يتصالحان بحكم استحكامات العداء بين المرض والعلاج، لكن الحيّة متحركة والبطنج ثابت. أخبار حاضرنا السياسي تقول إن المتحرك والثابت في طريقهما إلى فض النزاع التاريخي بينهما، فاللقاءات بين أطراف من حزب الدعوة وقيادات بعثية في سوريا لم تعد سرا تبحث عنه لتكتشف ما وراءه، ويقال أن مستوى اللقاءات والتنسيق فيها وصل الى حد ربما التحالف في قائمة واحدة لخوض الانتخابات القادمة لكي يتخلص المالكي من ضغوطات حلفاء التحالف الوطني، التي يشهد واقعنا السياسي على الكثير من التجاذبات والاختلافات إلى حد كسر العظم بينهم. وميلنا لتصديق أخبار حاضر دعوة المالكي هي أننا لم نسمع أو نقرأ تكذيبا لهذه "الإشاعات " المغرضة وإنما سمعنا من قيادي في دولة القانون الذي يقوده حزب دعوة المالكي وأحد صقوره عزت الشابندر، من تصريحات صحفية، بأنه التقى مع زعيم جناح قيادة قطر العراق لحزب البعث محمد يونس الأحمد، واصفا اللقاء بالسياسي، محاولا إقناعه بالانخراط في العملية السياسية في البلاد متدرعا بالدعمين الأميركي والإيراني للحكومة الحالية!!rnلو فعلها الشيوعيون، ولهم تأريخ في التحالف مع البعث وفي الصراعات الدموية معه وآخرها التصفيات بالجملة للحزب منذ عام 1978، وما سميت حينها بالهجمة الشرسة حسب أدبيات الحزب الشيوعي، نقول لو فعلها الشيوعيون لتحركت همرات حكومة المالكي لتحاصر مقراتهم، كما فعلت ذلك أكثر من مرّة لأسباب تافهة، ولكانت تهم 4 إرهاب حاضرة في سجل الاتهامات ولأصبح الشيوعيون من حلفاء البعث الدكتاتوري المنحل وربما حلفاء للقاعدة وأيديهم ملطخة بدماء العراقيين!! لكن الوضع مع دعوة المالكي مختلف تماما، فتلك خيانة وإرهاب وهذه سياسة وتكتيك ومصالح عليا.rnخاض حزب الدعوة صراعا داميا مع البعث وكان مصير عضو حزب الدعوة إن لم يكن إعداما فالمؤبد فضلا عن أن أهله يدفعون ثمن انتمائه حتى الدرجة الرابعة فصلا من الوظائف وسجنا وتشريدا وتنكيلا، وكانت تهم الخيانة في قرار من مجلس قيادة الثورة المنحل جاهزة للدعوجي مؤدية به الى ساحات الإعدام أو حبال المشانق.. فهل شفع حاضرهم لذلك الماضي الملطخ بالدماء والدموع والثكالى والأيتام والأرامل؟ هل قدم البعث بجناح الأحمد مثلا تقويما للتجربة واعتذارا للشعب العراقي لما فعلوه به فضلا عن ان تجربة البعث في العراق تتحمل مسؤولية عما آل إليه الوضع العراقي الحالي، كما أن البعث بكل أجنحته وتياراته داخل العراق وفي سوريا والأردن مسؤول تماما عن الدماء العراقية التي أريقت بعد التغيير في 2003، تحت مسميات المقاومة الشريفة وغير الشريفة وكانت بيانات التهليل البعثية تملأ المواقع الالكترونية تمجيدا لمقتل العراقيين.. هل هذا تأريخ وحاضر بحاجة إلى ان نذكر به السيد المالكي وحزبه المناضل وكوادره الصامتة على لقاءات مشبوهة يجرمها الدستور ويحاسب عليها.. وماذا يقول المالكي لأهالي الشهداء من حزبه ومن بقية أطراف المعارضة العراقية وأهالي الشهداء الذين تساقطوا بمفخخات المقاومة البعثية؟! وما هو مصير المساءلة والعدالة لو أن الأحمد تكرّم علينا ووافق على أن يتحالف مع الدعوة ضد "أعداء" المالكي في الداخل؟ rnالسؤال الذي نوجهه لبقية الأطراف السياسية في البلاد لماذا الصمت على لقاءات الدعوة بالبعث الأحمدي وغيره في الوقت الذي تشتغل فيه ماكنة الاجتثاث يمينا وشمالا بالقضاة والموظفين الذين لم يفعلوا ما فعله جناح الأحمد المبارك حتى الآن؟ rnrn
كتابة على الحيطان :دعوة المالكي والبعث.. أعداء في ذمة التاريخ
نشر في: 26 سبتمبر, 2012: 08:08 م