اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > علي جواد الطاهر.. ناقداً

علي جواد الطاهر.. ناقداً

نشر في: 21 أكتوبر, 2009: 05:18 م

د. جلال الخياطحينما نكتب عن انسان فارقنا قريبا نأذن لمنهج البحث ان يفسح لنا المجال في ان نعبر عن الحزن قليلا وعن الاعجاب كثيرا.من صفات الطاهر التي يصعب الاحاطة بها انه ترك نفسه على سجيتها في العلم والحياة، وهذا يفسر لنا موسوعيته وجمعه بين القديم، اكتشافا للجوانب المضيئة من التراث، وما يحتمه العصر الحديث من تخصص،
ويسوغ اتساع اهتماماته الثقافية: الكتابة عن الشعر العباسي، في مراحل متأخرة وجوانب مهملة، والعناية الشديدة بالطغرائي، وتحقيق النصوص، ومتابعة اخطاء الكتاب، وتدريس النقد، وتأليف مقدمة فيه، وكتابة المقالات واعلاء شأن هذا الجنس الادبي ابداعا صرفا كالشعر والقصة، ومنهج البحث الادبي، واصول تدريس اللغة العربية، والمذاهب الادبية، ونقد القصص والشغف بادباء معينين، وترجمة نصوص من الفرنسية ومتابعة ما تنشره المجلات الادبية، والاشتراك الكبير في الندوات والمؤتمرات والمناقشات.من هذا النشاط الدائم حتى اخريات حياته، ومن هذه الطاقة المستمرة التي لم تتوقف الا حين شاء لها الداء اللعين ان تفعل، ومن هذه المؤلفات الكثيرة ومن مئات المقالات والمقابلات، ومن عشرات المحبين والحاقدين ومن ندوات الثقافة والشعر والقصة.. هل نستطيع ان نفرد الطاهر في زاوية نقدية معينة محددة ونتحدث عنه منطلقين منها: ليس ذلك سهلا، ولكننا نفعل لان الاحاطة بالجزء قد تكمله احاطات اخرى بما تبقى: فالنقد الادبي نشاط قائم بنفسه اذا اشرك به جار الشريك على الشريك.ولكنه كان اول من دعا الشركاء ان يجوروا.لم يكرس الطاهر، طالبا في القاهرة ودارسا في السوربون، نفسه ناقدا محضا، تشهد لنا بذلك اهتماماته المتنوعة، الا انه يبرز من خضم انتاجه الثر استاذا فذا، في دار المعلمين العالية، يدرس النقد فيقدم خلاصة تجاربه في كتابه: مقدمة في النقد الادبي الذي يفيد دارس الادب في معرفة دواخل النقد الحديث نتيجة لجهد ومثابرة ومتابعة طويلة، كتاب جامع رائد في التوطئة لدراسة النقد وتأكيد عنصر الابداع فيه.سماه مقدمة ليكون للمتخصص مصدرا في النقد الحديث، العربي والاجنبي، وللمبتدئ رفيقا الى عالم النقد الواسع وطريقا الى مراجع وتجارب جديدة، فمن تحديد المصطلحات الى الاجناس الادبية وما يميزها والفروق والتشابه، والى الاسلوب المتفرد، اس نجاح اي عمل فني، والى مناهج النقد المختلفة، الخ ومئات المصادر والمراجع.وللطاهر منجز نقدي كبير آخر يتمثل في النقد التطبيقي الذي يقل لدى غيره كلما كثر النقد التنظيري الذي لايتطلب في معظم امثلته، جهدا كبيرا، ولا قدرة خاصة وشمل نقده التطبيقي شعراء وقصصيين وكتابا وباحثين، ولكنه، دون الشعراء المحدثين عامة، ركز احدى دراساته على حسين مردان الذي لم يتخذ مكانته اللائقة في البحوث، ولم يدرسه شاعرا او رائدا او مبدعا للنثر المركز، بالرغم من شحة ما كتب عنه، ولكن اختياره انصب عليه مقاليا، وما اندر من كتب او تنبه على اهمية المقالة لدى مردان او غيره، فمردان بارع في مقالاته، والطاهر مولع بفن المقالة: المقالة وحدها لديه عالم واسع وحرية مطلقة شكلا ومضمونا فهو يكتبها حينا مبدعة وحينا تعليمية وحينا بين بين.كتب الطاهر ما يقرب من سبعين صفحة ومن الصعب على غير الطاهر ان يدون سبع صفحات عن مقال ما، وليست القضية بالكم، نفذ الى اعماق الرجل وكشف عن نفسيته بتحليل دقيق مستمد من المقالات التي كتبها مردان وبما حول ذلك: ليس الذي صنعه ابو علي بالقليل، وقد صنعه في سطور معدودة مستكملة الوحدة التي يطلبها العمل الفني (حتى من خلال التمزق السريالي) وتطلبها المقالة في احدث ما استقرت عليه بعد تاريخ من التطور غير قليل في ميدان الجميل والاجمل.هي مقالة بهذا، وبالمفردات المختارة والتراكيب المستقة، وهي مبدعة بالانفعالات والعقل الباطن، والعقل الواعي، الصور والخيال، والجرأة في قول الاشياء التي لايقولها الا صاحبها وبالنمط الذي هو خاص به، من اعلى عليين الى اسفل سافلين.ومبدعة كذلك لانها، وان كانت مقالة اولا واخيرا، اخذت من الشعراء اشياء ومن القصة اشياء فزادت خيوطا في نسجها ومدت نسغا في نسغها حتى كادت تفقد اصالتها النوعية، ولم تفقدها.وليس ما كتب الطاهر بحثا ولا مقالة ولا تعليقات انه السرد الممتع، الممتنع عند غير الطاهر، الممتد بلا ثقل او خلل من البداية حتى النهاية، انه النقد الابداعي، تقرؤه نصا، وتدرك ان اوهام الاخرين لازمت مردان واحاطت به وكادت، ولاتزال، تفقده مكانته لدى باحثين، انه بوهيمي، سكير، منفلت، غير ملتزم، لايقر على قرار، ولاثقة فيما يقول.. الخ.واذا به شخص متزن منتم (الى نفسه على الاقل) ملتزم بما يمكن ان نصف شخصا مثالا في الخلق الاجتماعي الدائر، رائدا في الشعر والنثر، مجدد خرق التقاليد السائدة ليقيم له عالما خاصا ينطلق منه الى اجواء مغايرة لكل ما حملته السنوات من اوضار القانون، (حسين مردان شاعر، وشاعر معدود مشهور في العراق، وجريء، ومجدد، وهو الى ذلك محبوب، حلو المعشر، نقي السريرة.. اما ما يشاع عنه من سوء فمبالغ فيه، ومختلف وصادر من سوء فهم.. لم يسء لاحد.. ولم يهزل في جد.. ولم يقصر في واجب..ومن كان يجهل ابا علي- والجاهلون به كثيرون – فليعلم انه كما بدأ او يبدو وان له وجها آخر، وانه قبل كل شيء رجل اخلاق، ولامفر لرجل الاخلاق من الحوار الصا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

فريق ألماني يكتشف مدينة تاريخيّة وأقدم إمبراطوريّة إنسانيّة من العهد البرونزي في دهوك

مارلين مونرو.. قصة حزينة جداً!

قراءة في كتاب: دراسات في تاريخ الاقتصاد والفكر الاقتصادي

القذافي.. سيرة حياة كارثية!

السحر الغريب لألف ليلة وليلة

مقالات ذات صلة

بالصور| بيت المدى ومعهد غوتا يستذكران الموسيقار محمد جواد أموري
غير مصنف

بالصور| بيت المدى ومعهد غوتا يستذكران الموسيقار محمد جواد أموري

بغداد / المدىعدسة: محمود رؤوفأقام بيت المدى التابع لمؤسسة المدى للاعلام والثقافة والفنون وبالتعاون مع معهد غوتا، اليوم الجمعة، فعالية تحت عنوان "محمد جواد أموري.. صانع النجوم"، بمناسبة مرور عشرة اعوام على رحيل الملحن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram