اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > علي جواد الطاهر: الانسان النموذج

علي جواد الطاهر: الانسان النموذج

نشر في: 21 أكتوبر, 2009: 05:24 م

مهدي عيسى الصقراذا اردت ان تكتب عن الطاهر فمن اي المداخل تأتي اليه، هذا الرجل الذي اضاء العديد من المشاعل، على درب الادب العراقي المعاصر، على مدى سنوات طويلة؟! ماذا بوسعك ان تقول في انسان متعدد الاهتمامات، غزير العلم والانتاج، الاحاطة باعماله كلها تستلزم بحوثا ودراسات..
اذن فهذه الكلمة القصيرة لايمكن ان تكون اكثر من اشارة، من واحد من تلامذته، واصدقائه، العديدين، دافعها الحب، والاجلال، وشعور عميق بالاسى لرحيله.قصة الطاهر مع القصة.في عام 1957، وكنت ما ازال اعيش في مدينة البصرة، اتابع محاولاتي، في كتابة القصة، جاء الطاهر زائرا، وانتهز الفرصة واتصل بعدد من الادباء البصريين، الا انني لم اسعد بلقائه انذاك، قيل لي، فيما بعد، انه سأل عني، فشعرت بالفخر، فليس يسيرا ان يسأل عنك ناقد كبير، مثل الطاهر، وانت ما تزال تبحث عن طريقك، بعد ذلك سمعت انه ادخل نماذج، من اقاصيصنا، نحن الكتاب الشباب في الخمسينيات في مناهج التدريس لطلبة الادب في الجامعة، وكان يعرف طلبته بهذه الاقاصيص ويشجعهم على تحليلها، ونقدها، فكان اول استاذ، في العراق، يعرف طلبته بالقصة العراقية الحديثة، وبنصوص من الادب الحديث، بعد ان كانت دروس الادب، في المدارس والجامعات تعتمد في الغالب النصوص القديمة.تعرفت على الطاهر، بصفة شخصية، في اواخر الستينيات، عندما جئت اقيم في بغداد، وازدادت معرفتي به، فيما بعد، ناقدا وانسانا كبير القلب، وجدته يهتم اهتماما فريدا بالقصة وكتابها، قرأ، مرة، قصة بعنوان (الايام المضيئة) لشاكر جابر، كاتب لم يكن احد قد سمع باسمه، من قبل. استهوته القصة، امسك بالقلم، وكتب رسالة الى المؤلف، عبر فيها عن اعجابه، وقال له، فيما قال، قرأت القصة، وانا لا اعرف من هو شاكر جابر، ولا يهمني كثيرا ان اعرفه، لولا هذه القراءة (.....) قرأت فاعجبت، ثم طويت الصفحة الاخيرة وخرجت الى اتحاد الادباء، اتدري لماذا؟ لقد خرجت ابحث عن اصدقاء طيبين، ابشرهم بميلاد القصاص الجديد، وادعوهم الى قراءة القصة الجديدة، خرجت لاني شعرت بالحاجة الى ان افيض بتلك السعادة التي عمتني على الناس، نادرا جدا الذين يبدون كل هذا الاهتمام بكاتب مجهول، سواء في العراق، او في غير العراق، من الاقطار العربية مدفوعا بهذا الحب للابداع العراقي الخالص يستقبل الطاهر رواية (النخلة والجيران) لغائب طعمة فرمان، بفرح، ويتحدث عنها بحماس، ويناشد فرمان ان يكتب مثلها، واحسن منها.كان الطاهر متفائلا بمستقبل القصة، في العراق، ويرى انها تستحق ان تأخذ المكانة الجديرة بها عربيا، وعالميا ربما، في يوم من الايام، يؤكد رأيه هذا في نقده لمجموعة (غرف نصف مضاءة) للقاص والروائي المرحوم موسى كريدي، ان ثقتي بالقصة العراقية كبيرة، وما فقدت الامل يوما، حتى في احلك الظروف، في تقدمها، وكان يغار كثيرا على سمعة القصة العراقية، ويتألم، ويغضب، اذا لاحظ اهمالا، او استصغارا لها، في ما يقرأه من دراسات للكتاب العرب، الذين يتناولون القصة العربية، او الادب العربي.كتب الطاهر، عن القصة العراقية، في كتبه النقدية، ومقالاته اكثر مما كتب عن اي جنس ادبي آخر، وارخ لها منذ خطواتها الاولى، على طريق التحديث، افرد كتابا لمحمود احمد السيد، اعد، وقدم كتابا آخر عنه، بالاشتراك مع الدكتور عبدالاله احمد، وكتب عن عبدالحق فاضل، وذي النون ايوب، وجعفر الخليلي، وعن النهضة الفنية في القصة القصيرة، في الخمسينيات وتابع مراحل تطورها، بعد ذلك جيلا بعد جيل، واخذ بيد العديد من كتابها، ورعاهم، وقاد خطاهم، حتى اصبحت لها اسماء تذكر، وظل بعد ذلك يتابع ما يكتبون بالحب نفسه، وبرغم محاولات البعض الانتقاص من قيمة نقده، بحجة انه نقد انطباعي، وليس نقدا يلتزم بطروحات المناهج الحديثة، في النقد، فان اي قاص عراقي كان يتمنى ان يكتب الطاهر كلمة عن اعماله، اذ ان مثل هذه الكلمة – اذا كان راضيا عن المستوى الفني للعمل، وما يتضمنه من دلالات- كانت المفتاح للقاص الناشئ للدخول بثقة، الى دنيا القصة، والسند للقاص المتمرس لتعزيز مكانته الادبية.الطاهر الانسان.. كان الطاهر شديد التواضع، برغم سعة علمه، وكبر مقامه وذيوع اسمه او بالاحرى كان متواضعا لهذه الاسباب، فاذا زرته استقبلك عند باب بيته، ومشى معك، بعد ذلك، الى الباب مودعا، وكان يعامل الكبير والصغير – سنا او مقاما- بالنبرة الودودة نفسها، وفي غياب ابنه الاصغر، اربد، عن الدار، كان الطاهر يقوم على خدمة زواره بنفسه، يحمل لهم الشاي، او العصير، في الصيف، وهو يبتسم خشية ان يشعروا بالحرج، كان لايطبق الادعاء والغرور، وتظاهر البعض بامتلاك ما لا يمتلكون من مواهب وكان يتعالى على المهاترات، في الصحف واذا هوجم لشخصه لايرد الاساءة، الاّ انه كان يدافع بصلابة، وبموضوعية تامة، عما يراه من مواقف، تجاه القضايا الادبية المثارة..في مواجهة النهاية..حين اتضحت طبيعة المرض الذي يعانيه الطاهر رجني النبأ، بقيت مصدوما، وحائرا، هل ازوره في بيته؟! واذا زرته ماذا اقول له؟! كيف تخفف عن انسان مصاب بمرض قاتل، يعرف هو جيدا نهايته المحتومة؟ اتصلت بالصديق حاتم الصكر، اسأله عن الدكتور ابي رائد، وان كان زاره، ام لا، حدثته عن حيرتي، قال انه مر بالحالة نفس

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

فريق ألماني يكتشف مدينة تاريخيّة وأقدم إمبراطوريّة إنسانيّة من العهد البرونزي في دهوك

مارلين مونرو.. قصة حزينة جداً!

قراءة في كتاب: دراسات في تاريخ الاقتصاد والفكر الاقتصادي

القذافي.. سيرة حياة كارثية!

السحر الغريب لألف ليلة وليلة

مقالات ذات صلة

بالصور| بيت المدى ومعهد غوتا يستذكران الموسيقار محمد جواد أموري
غير مصنف

بالصور| بيت المدى ومعهد غوتا يستذكران الموسيقار محمد جواد أموري

بغداد / المدىعدسة: محمود رؤوفأقام بيت المدى التابع لمؤسسة المدى للاعلام والثقافة والفنون وبالتعاون مع معهد غوتا، اليوم الجمعة، فعالية تحت عنوان "محمد جواد أموري.. صانع النجوم"، بمناسبة مرور عشرة اعوام على رحيل الملحن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram