حازم مبيضين ليس واضحاً بعد إن كان تلميح الزعيم التركي رجب طيب أردوغان إلى إمكانية إجراء محادثات جديدة مع الثوار الكرد، ناجماً عن رغبة في منع تصاعد موجة العنف التي تجتاح مناطق تواجدهم الجغرافية جنوبي شرقي البلاد, أو أنها سياسة سيتبناها حزبه عشية عقد مؤتمره العام , ذلك أن إعلانه أن حكومته جاهزة لفعل ما هو ضروري للوصول إلى حل للمشكلة، شريطة أن يلقي المقاتلون الكرد الذين يحاربون الدولة سلاحهم, لا يعني بالضرورة أن حزبه سيتبنى هذا الموقف, وإن كان الاعتقاد السائد أن الحكومة هي صدى السياسات الحزبية, التي يمكن التأكيد أن أردوغان يمسك مقاليدها, وهو من يقترحها ويفرضها وينفذها.
rnليست المرة الأولى التي تحاور فيها السلطات التركية منتسبي حزب العمال, ذلك أن اتصال مسؤولين من المخابرات التركية مع كبار الشخصيات من الحزب ظل قائماً ومستمراً خلال السنوات القليلة الماضية لمحاولة إنهاء الصراع, وإذا كان أردوغان يبدي اليوم استعداده لمحادثات من نوع مختلف إن كانت تساعد على الوصول إلى تسوية ما فانه يقترحها علنية تتم في أوسلو التي استضافت محادثات سابقة بين الجانبين بين عامي 2009 و 2011, ويأتي كل هذا بعد قناعته المعلنة أن العلاقة مع الكرد في تركيا تتجاوز البعد العسكري والأمني لتلامس تخوم الأبعاد الدبلوماسية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية.rnيرى البعض أن الكشف عن هذا التوجه الجديد ناجم عن تأثيرات ما يجري في سوريا, خصوصاً بعد أن أطلق النظام السوري يد مؤيدي عبد الله أوجلان, وترك لهم حرية التحرك " العسكري بطبيعة الحال " ضد السلطات التركية كرد على موقف أنقره المؤيد لمناوئي الرئيس الأسد والسماح لهم بشن هجماتهم انطلاقاً من الأراضي التركية التي احتضنت قيادة الجيش السوري الحر, إضافة إلى فتح حدودها للاجئين السوريين وتهريب السلاح إلى الداخل السوري حيث يشهد نشاط الثوار زخماً متزايداً في المناطق الحدودية مع تركيا على عكس ما هو حاصل في المناطق المتاخمة للأردن حيث الحرص شديد على عدم تهريب السلاح عبر تلك المناطق.rnهناك بالطبع قوىً سياسيةٌ تركيةٌ تؤيد هذا التوجه, حتى وإن اختلفت مع أردوغان في بعض سياساته, وهي تدرك التأثيرات السلبية لعدم حل المعضلة الكردية على الواقع التركي, وتدرك أيضاً أن قسماً ليس قليلاً من الأتراك يؤيدون النظام السوري على أسس طائفية, ويرفضون موقف حكومتهم مما يجري في سوريا, وهم في مرحلة ما قد يثيرون المتاعب في وجه حكام أنقره, فيما يسعى مقاتلو حزب العمال لاستئناف بعض أنشطتهم العسكرية, للتأكيد على تمسكهم بمطالبهم المقتصرة اليوم على منح مناطقهم حكماً ذاتياً, بعد الاعتراف بهم كقومية ثانية, بدل الإصرار على اعتبارهم " أتراك الجبال ".rnيظل المهم هو الرد الكردي على مبادرة أردوغان, الذي تواصل حكومته اعتقال زعيم الحزب المقاتل عبد الله أوجلان, وهو قائد جرى تعويضه في صفوف الحزب القيادية, غير أنه يجب أخذ موقفه في الاعتبار, ويجب على القيادة البديلة قراءة الواقع الإقليمي, بكل ما طرأ عليه من تبدلات, والنظر بعين الاعتبار خصوصاً لمواقف أشقائهم الكرد في إقليم كردستان العراق, تجاه أحداث المنطقة التي تمر بمرحلة تبدو نهاياتها غامضة, وتستلزم الكثير من الحذر والتأني, ولعل قبولهم بالعودة للتفاوض مع أردوغان, المحتاج لمؤازرتهم اليوم, يفضي إلى تحقيق الكثير من مطالبهم وليس كلها, بانتظار فرص أفضل قد تأتي بها قادمات الأيام.rn
في الحدث:أردوغان إذ يغازل الكرد
نشر في: 28 سبتمبر, 2012: 09:18 م